مضي به قال زياد: أما والله لولا أمانه ما برح حتى يلفظ عصبه (1) أو حتى يلفظ مهجة نفسه وقال ابن الأثير: فلما ولى قال زياد: والله لأحرصن على قطع خيط رقبته. فحبس عشر ليال اه. وفي الطبقات: انه لما أتي به إلى زياد وبأصحابه قال له: ويلك ما لك؟ فقال إني على بيعتي لا أقيلها ولا أستقيلها وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن أبي إسحاق: رأيت حجر بن عدي وهو يقول: ألا اني على بيعتي لا أقيلها ولا أستقيلها سماع الله والناس. وروى الطبري بسنده عن أبي إسحاق ان حجرا لما قفي به من عند زياد نادى بأعلى صوته: اللهم إني على بيعتي لا أقيلها ولا أستقيلها سماع الله والناس. قال أبو الفرج في الأغاني والطبري: وزياد ما له عمل غير الطلب لرؤوس أصحاب حجر، فجد في طلبهم وهم يهربون منه ويأخذ من قدر عليه منهم حتى جمع منهم اثني عشر رجلا في السجن.
الشهادة على حجر من وجوه الكوفة في الطبقات الكبير لابن سعد أنه لما أتي زياد بحجر وأصحابه جمع زياد سبعين رجلا من وجوه أهل الكوفة فقال: اكتبوا شهادتكم على حجر وأصحابه ففعلوا، ثم وفدهم على معاوية وبعث بحجر وأصحابه اليه.
ويدل كلامه الآتي على أنه أرسل الشهود معهم. وفي الأغاني وتاريخي الطبري وابن الأثير: بعث زياد إلى رؤوس الأرباع يومئذ فاحضرهم وقال: اشهدوا على حجر بما رأيتموه وهم الأربعة الأولون الآتية أسماؤهم فشهدوا ان حجرا جمع اليه الجموع وأظهر شتم الخليفة وعيب زياد ودعا إلى حرب أمير المؤمنين وزعم أن هذا الامر لا يصلح الا في آل أبي طالب ووثب بالمصر وأخرج عامل أمير المؤمنين وأظهر عذر أبي تراب والترحم عليه والبراءة من عدوه وأهل حربه وان هؤلاء الذين معه رؤوس أصحابه وعلى مثل رأيه. فنظر زياد في الشهادة فقال: ما أظن هذه شهادة قاطعة وأحب ان يكون الشهود أكثر من أربعة قال الطبري وأبو الفرج: فكتب أبو بردة بن أبي موسى: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما شهد عليه أبو بردة بن أبي موسى لله رب العالمين شهد أن حجر بن عدي خلع الطاعة وفارق الجماعة ولعن الخليفة ودعا إلى الحرب والفتنة وجمع اليه الجموع يدعوهم إلى نكث البيعة وخلع أمير المؤمنين معاوية وكفر بالله كفرة صلعاء.
فأعجبت زيادا هذه الشهادة فقال على مثل هذه الشهادة فاشهدوا والله لأجهدن في قطع عنق الخائن الأحمق فشهد رؤوس الأرباع الثلاثة الآخرون على مثل ذلك ثم دعا الناس فقال: اشهدوا على مثل ما شهد عليه رؤوس الأرباع فقام عناق بن شرحبيل التيمي تيم الله بن ثعلبة أول الناس فقال:
اكتبوا اسمي، فقال زياد: ابدأوا بقريش ثم اكتبوا اسم من نعرفه ويعرفه أمير المؤمنين بالصحة والاستقامة. وكان من جملة الشهود شداد بن المنذر أخو الحضين بن المنذر وكان يدعى ابن بزيعة، فقال زياد: أما لهذا أب ينسب إليه ألغوا هذا من الشهود، فقيل له: انه أخو الحضين بن المنذر، فقال: انسبوه إلى أبيه فنسب، فبلغ ذلك شدادا فقال: وا لهفاه على ابن الزانية! أو ليست أمه أعرف من أبيه! فوالله ما ينسب إلا إلى أمه سمية.
ودعا المختار بن أبي عبيد وعروة بن المغيرة بن شعبة إلى الشهادة فراغا. وفي مجالس المؤمنين عن تاريخ أبي حنيفة الدينوري أن زياد ابن أبيه بعث أبا بردة بن أبي موسى الأشعري وشريح بن هانئ وشريح بن الحارث وأبا عبيدة القعيني إلى معاوية ليشهدوا عنده بما صدر من حجر وأصحابه فشهدوا فقتلهم معاوية.
أسماء الشهود على ما ذكره الطبري وغيره أولهم رؤوس الأرباع الأربعة (1) عمرو بن حريث على ربع أهل المدينة (2) خالد بن عرفطة على ربع تميم وهمدان (3) قيس بن الوليد بن عبد شمس بن المغيرة على ربع ربيعة وكندة (4) أبو بردة بن أبي موسى الأشعري على ربع مذحج وأسد (5) و (6) و (7) إسحاق وموسى وإسماعيل بنو طلحة بن عبيد الله (8) المنذر بن الزبير (9) عمارة بن عقبة بن أبي معيط (10) عبد الرحمن بن هبار أو هناد (11) عمر بن سعد بن أبي وقاص (12) عامر بن جارية بن ربيعة بن عبد العزى بن عبد شمس (14) عبيد الله بن شعبة الحضرمي (15) عناق بن شرحبيل التيمي (16) وائل بن حجر الحضرمي (17) كثير بن شهاب بن حصين الحارثي (18) قطن بن عبد الله بن حصين (19) السري بن وقاص الحارثي، قال الطبري: كتبت شهادته وهو غائب في عمله (20) السائب بن الأقرع الثقفي (21) عبد الله بن أبي عقيل الثقفي (22) مصقلة بن هبيرة الشيباني (23) القعقاع بن شور الذهلي (24) ضرار بن هبيرة (25) شداد بن المنذر بن الحارث (26) حجار بن أبجر العجلي (27) عمرو بن الحجاج الزبيدي (28) لبيد بن عطارد التميمي (29) محمد بن عمير بن عطارد التميمي (30) سويد بن عبد الرحمن التميمي (31) أسماء بن خارجة الفزازي كان يعتذر من امره (32) شمر بن ذي الجوشن العامري (33) زحر بن قيس الجعفي (34) شبث بن ربعي (35) سماك بن مخرمة الأسدي صاحب مسجد سماك (36) و (37) شداد ومروان ابنا الهيثم الهلاليان (38) حصن بن ثعلبة من عائذة قريش (39) الهيثم بن الأسود النخعي، وكان يعتذر إليهم (40) عبد الرحمن بن قيس الأسدي (41) و (42) الحارث وشداد ابنا الأرفع الهمدانيان (43) كريب بن سلمة بن يزيد الجعفي (44) عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي (45) قدامة بن العجلان الأزدي (46) عزرة بن عزرة الأحمسي (47) عمر بن قيس ذو اللحية (48) هانئ بن حية الوداعي، وشهد معهم آخرون حتى بلغوا سبعين رجلا، فقال زياد ألقوهم إلا من عرف بحسب وصلاح في دينه فألقوا حتى صيروا إلى هذه العدة وكتب في الشهود شريح بن الحارث القاضي وشريح بن هانئ فاما شريح بن الحارث فقال: سألني عنه فقلت: اما انه كان صواما قواما، اما شريح بن هانئ فقال: ما شهدت وبلغني ان شهادتي كتبت فأكذبته ولمته (اه). ومن النظر في حال هؤلاء الشهود وما شاع من قبيح سيرتهم وخبث سريرتهم لا تعجب من شهادتهم.
كتاب زياد إلى معاوية في حجر وأصحابه وكتب زياد إلى معاوية مع وائل وكثير - على ما في الأغاني وتاريخ الطبري: بسم الله الرحمن الرحيم لعبد الله معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين من زياد ابن أبي سفيان اما بعد فان الله قد أحسن عند أمير المؤمنين البلاء فاداله من عدوه وكفاه مؤونة من بغى عليه ان طواغيت الترابية السابة السبائية رأسهم حجر بن عدي خلعوا (خالفوا) أمير المؤمنين وفارقوا (فأظهرنا) الله عليهم وأمكننا منهم وقد دعوت خيار أهل المصر وأشرافهم وذوي النهى (السن) والدين منهم فشهدوا عليهم بما رأوا وعلموا وقد بعثت بهم إلى أمير المؤمنين وكتبت