معه جمع فيقتتلان وأخذوا يكرهون ان يتزاحفوا بجميع الفيلق من أهل العراق وأهل الشام مخافة الاستئصال، ثم ذكر من كان يخرجهم علي عليه السلام فعد منهم حجر بن عدي.
حجر الخير وحجر الشر وكان لحجر بن عدي ابن عم يسمى حجر بن يزيد، وكان مع معاوية بصفين، روى نصر بن مزاحم في كتاب صفين عن عمرو بن شمر عن جابر عن الشعبي: ان أول فارسين التقيا بصفين في اليوم السابع من صفر سنة 39 (1) وكان من الأيام العظيمة في صفين ذا أهوال شديدة، حجر الخير وحجر الشر: أما حجر الخير فهو حجر بن عدي صاحب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وحجر الشر ابن عمه حجر بن يزيد الكندي، وذلك أن حجر الشر دعا حجر بن عدي إلى المبارزة وكلاهما من كندة، فأجاب فاطعنا برمحيهما ثم حجز بينهما خزيمة بن ثابت الأسدي وكان مع معاوية فضرب حجر بن عدي ضربة كسر بها رمحه وحمل أصحاب علي فقتلوا الأسدي وأفلتهم حجر بن يزيد هاربا والتحق بصف معاوية.
ثم إن حجر الشر حمل على الحكم بن أزهر فقتله، فحمل رفاعة بن الحكم الحميري على حجر الشر فقتله، فقال علي: الحمد لله الذي قتل حجرا بالحكم بن أزهر اه. هذا ولكن ابن عساكر في تاريخ دمشق قال - كما مر - كان مع علي حجران حجر الخير وحجر الشر، ثم ترجم حجر الشر بعد فراغه من ترجمته حجر بن عدي فقال: حجر بن يزيد بن سلمة بن مرة بن حجر بن عدي بن ربيعة الكندي المعروف بحجر وفد على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعاد إلى اليمن، ثم نزل الكوفة، وشهد الحكمين بدومة الجندل، وكان شريفا وسمي حجر الشر لان حجر بن عدي كان حجر الخير، فأرادوا أن يفصلوا بينهما، وكان شريرا، وكان أحد شهود الحكمين مع علي، وولاه معاوية بعد ذلك أرمينية، وبقي حيا إلى سنة 51. وذكره في الإصابة بنحو ذلك. وحكى عن ابن سعد انه ذكره في الطبقة الرابعة وقال: انه وفد على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاسلم، وكان مع علي بصفين، وكان أحد شهود الحكمين، ثم اتصل بمعاوية. وذكره يعقوب بن سفيان في أمراء علي يوم الجمل اه. وذكره في أسد الغابة بنحو ذلك، وهو يخالف ما مر عن نصر في كتاب صفين: فنصر جعله من أصحاب معاوية وقال إنه قتل بصفين وابن عساكر جعله من أصحاب علي وقال إنه بقي إلى سنة (51). ويوشك ان يكون حجر بن يزيد اثنين والله أعلم. وقال حجر في صفين - وأورده نصر -:
يا ربنا سلم لنا عليا * سلم لنا المهذب التقيا المؤمن المسترشد الرضيا * واجعله هادي أمة مهديا لا خطل الرأي ولا بغيا * واحفظه ربي حفظك النبيا فإنه كان له وليا * ثم ارتضاه بعده وصيا وأورد هذا الرجز صاحب الدرجات الرفيعة، كما أورده ابن أبي الحديد، لكنه قال إنه قاله يوم الجمل. ومن مواقف حجر يوم صفين ما ذكره ابن شهرآشوب في المناقب قال: خرج أدهم بن لام القضاعي يوم صفين، وقال مرتجزا مخاطبا سعيد بن قيس:
أثبت لوقع الصارم الصقيل * فأنت لا شك أخو قتيل فقتله حجر بن عدي، فخرج الحكم بن أزهر قائلا:
يا حجر حجر بني عدي الكندي * أثبت فاني ليس مثلي بعدي فقتله حجر، فخرج اليه مالك بن مسهر القضاعي يقول:
اني انا مالك وابن مسهر * انا ابن عم الحكم بن الأزهر فاجابه حجر:
اني حجر وانا ابن مسعر * أقدم إذا شئت ولا تؤخر فقتله حجر.
كلامه يوم غارة الغامدي على الأنبار حكى ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة عن كتاب الغارات لإبراهيم بن محمد بن هلال الثقفي انه لما أغار سفيان بن عوف على الأنبار وقتل حسان بن حسان البكري وندب أمير المؤمنين عليه السلام إلى الجهاد تباطئوا، قام حجر بن عدي الكندي وسعيد بن قيس الهمذاني فقالا: لا يسوءك الله يا أمير المؤمنين مرنا بأمرك نتبعه فوالله ما نعظم جزعا على أموالنا ان نفدت ولا على عشائرنا ان قتلت في طاعتك - (الحديث).
خبره مع الضحاك بن قيس قال ابن الأثير في حوادث سنة 39: فيها وجه معاوية الضحاك بن قيس في ثلاثة آلاف وأمره أن يمر بأسفل واقصة ويغير على كل من مر به ممن هو في طاعة علي من الأعراب، فسار وأخذ الأموال، ومضى إلى الثعلبية وقتل وأغار على مسلحة علي، وانتهى إلى القطقطانة، فلما بلغ ذلك عليا أرسل اليه حجر بن عدي في أربعة آلاف وأعطاهم خمسين درهما، فلحق الضحاك بتدمر فقتل حجر منهم تسعة عشر رجلا وقتل من أصحابه رجلان وحجز بينهم الليل، فهرب الضحاك وأصحابه ورجع حجر ومن معه ا ه. وروى ابن أبي الحديد عن إبراهيم بن هلال الثقفي أن معاوية دعا الضحاك بن قيس الفهري فوجهه فيما بين ثلاثة آلاف إلى أربعة آلاف ليغير على أعمال علي عليه السلام، فاقبل الضحاك فنهب الأموال، وقتل من لقي من الاعراب حتى مر بالثعلبية فأغار على الحجاج فاخذ أمتعتهم، ثم أقبل فلقي عمرو بن عميس بن مسعود الذهلي فقتله في طريق الحاج. فدعا أمير المؤمنين عليه السلام حجر بن عدي الكندي فعقد له على أربعة آلاف، فخرج حجر حتى مر بالسماوة وهي أرض كلب، فلقي بها امرأ القيس بن عدي بن أوس بن جابر بن كعب بن عليم الكلبي وهم أصهار الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام فكانوا أدلاءه على الطريق وعلى المياه. فلم يزل مغذا في أثر الضحاك حتى لقيه بناحية تدمر فواقعه فاقتتلوا ساعة، فقتل من أصحاب الضحاك تسعة عشر رجلا وقتل من أصحاب حجر رجلان وحجز الليل بينهم، فمضى الضحاك، فلما أصبحوا لم يجدوا له ولأصحابه أثرا. قال إبراهيم بن هلال الثقفي: وذكر محمد بن مخنف أنه سمع الضحاك بن قيس بعد ذلك بزمان يخطب على منبر الكوفة وقد كان بلغه أن قوما من أهلها يشتمون عثمان ويبرمون منه، قال فسمعته يقول:
يلغني أن رجالا منكم ضلالا يشتمون أئمة الهدى ويعيبون أسلافنا الصالحين، أما والذي ليس له ند ولا شريك لئن لم تنتهوا عما يبلغني عنكم لأضعن فيكم سيف زياد ثم لا تجدونني ضعيف السورة ولا كليل الشفرة!
أما اني لصاحبكم الذي أغرت على بلادكم فكنت أول من غزاها في