هند وهو أبو العمرطة انه ليس معك رجل معه سيف غيري فما يغني سيفي. قال: فما ترى؟ قال: قم من هذا المكان فالحق باهلك يمنعك قومك. فقام وزياد ينظر على المنبر إليهم فغشوا حجرا بالعمد. قال الطبري وابن الأثير: وانحاز أصحاب حجر إلى أبواب كندة وانتزع عائذ بن حملة التميمي عمودا من بعض الشرط فقاتل به وحمى حجرا وأصحابه حتى خرجوا من تلقاء أبواب كندة، وبغلة حجر موقوفة فاتى بها أبو العمرطة اليه ثم قال: اركب لا أب لغيرك! فوالله ما أراك الا قد قتلت نفسك وقتلتنا معك. فوضع حجر رجله في الركاب فلم يستطع ان ينهض فحمله أبو العمرطة على بغلته ووثب أبو العمرطة على فرسه، فما هو الا أن استوى عليه حتى انتهى اليه يزيد بن طريف المسلي فضرب أبا العمرطة بالعمود على فخذه، واخترط أبو العمرطة سيفه فضرب به رأس يزيد فخر لوجهه، ومضى حجر وأبو العمرطة إلى دار حجر، واجتمع إلى حجر ناس كثير من أصحابه، وخرج قيس بن فهدان الكندي على حمار له يسير في مجالس كندة يقول:
يا قوم دافعوا وصاولوا * وعن أخيكم ساعة فقاتلوا لا يلفين منكم لحجر خاذل * أليس فيكم رامح ونابل وفارس مستلئم وراجل * وضارب بالسيف لا يزايل فلم يأته من كندة كثير أحد. فقال زياد وهو على المنبر: لتقم همذان وتميم وهوازن وأبناء بغيض ومذحج وأسد وغطفان فليأتوا جبانة كندة وليمضوا من ثم إلى حجر فليأتوني به. فلما رأى حجر قلة من معه قال لأصحابه انصرفوا فوالله ما لكم طاقة بمن اجتمع عليكم من قومكم وما أحب أن أعرضكم للهلاك فذهبوا لينصرفوا فلحقتهم أوائل خيل مذحج وهمدان فعطف عليهم عمير بن يزيد وقيس بن يزيد وعبيدة بن عمرو وجماعة فتقاتلوا معهم فقاتلوا عنه ساعة فجرحوا واسر قيس بن يزيد وأفلت سائر القوم، فقال لهم حجر: تفرقوا لا تقتلوا فاني آخذ في بعض الطرق، ثم اخذ نحو طريق بني حوت من كندة حتى أتى دار رجل منهم يقال له سليمان أو سليم بن يزيد فدخل داره، وجاء القوم في طلبه حتى انتهوا إلى تلك الدار، فاخذ سليمان بن يزيد سيفه ثم ذهب ليخرج إليهم فبكت بناته، فقال له حجر ما تريد: أريد والله ان ينصرفوا عنك فان فعلوا والا ضاربتهم بسيفي هذا ما ثبت قائمة في يدي دونك!. فقال له حجر: لا أبا لغيرك بئس إذن والله ما دخلت به على بناتك قال: اني والله ما أمونهن ولا أرزقهن وما رزقهن الا على الحي الذي لا يموت ولا اشتري العار بشئ ولا تؤخذ من داري أسيرا ولا قتيلا وانا حي أملك قائم سيفي فان قتلت دونك فاصنع ما بدا لك! فقال حجر: أما في دارك هذه حائط اقتحمه أو خوخة اخرج منها عسى الله ان يسلمني منهم ويسلمك فان القوم ان لم يقدروا علي في دارك لم يضرك امرهم. قال: بلى هذه خوخة تخرجك إلى دور بني العنبر من كندة فخرج حتى مر ببني ذهب فخرج معه فتية يقصون له الطريق ويسلكون به الأزقة حتى أفضى إلى النخع فقال عند ذلك: انصرفوا يرحمكم الله، فانصرفوا عنه واقبل إلى دار عبد الله بن الحارث أخي الأشتر فدخلها فإنه لكذلك قد القى له عبد الله الفرش وبسط له البسط وتلقاه ببسط الوجه وحسن البشر إذ أتي فقيل له: ان الشرط تسال عنك في النخع وذلك أن أمة سوداء يقال لها أدماء لقيتهم فقالت لهم من تطلبون؟ قالوا نطلب حجرا فقالت: هو ذا قد رأيته في النخع. فانصرفوا نحو النخع.
فخرج متنكرا، وركب معه عبد الله ليلا حتى اتى دار ربيعة بن ناجد الأزدي فنزل بها فمكث يوما وليلة فلما أعجزهم دعا زياد محمد بن الأشعث فقال: أما والله لتأتيني بحجر أو لا أدع لك نخلة الا قطعتها ولا دارا الا هدمتها ثم لا تسلم مني بذلك حتى أقطعك اربا اربا فقال له: أمهلني اطلبه. قال: قد أمهلتك ثلاثا فان جئت به والا فاعدد نفسك من الهلكى، واخرج محمد نحو السجن ممتقع اللون يتل تلا عنيفا فقال حجر بن يزيد الكندي من بني مرة لزياد: ضمنيه مخلى سربه أحرى ان يقدر عليه منه إذا كان محبوسا. قال: أتضمنه لي؟ قال نعم. قال: اما والله لئن حاص عنك لأوردنك شعوب وان كنت الآن علي كريما. قال:
انه لا يفعل فخلى سبيله. ثم إن حجرا بعث إلى محمد بن الأشعث انه قد بلغني ما استقبلك به هذا الجبار العنيد فلا يهولنك شئ من امره فاني خارج إليك فاجمع نفرا من قومك وادخل عليه واساله ان يؤمنني حتى يبعثني إلى معاوية فيرى في رأيه وحجر وابن الأشعث كلاهما كندي فما أحب حجر ان يصيب ابن عمه بسببه سوء. ولكن شتان ما بينهما: فحجر من أصدق الناس ولاء لأمير المؤمنين علي عليه السلام، ومحمد بن الأشعث من أعدى أعدائه ورث العداوة من أبيه لا عن كلالة وهو الذي شرك في دم مسلم وهانئ فخرج محمد إلى حجر بن يزيد وجرير بن عبد الله وعبد الله أخي الأشتر فدخلوا على زياد فطلبوا اليه فيما سأله حجر فأجاب، فبعثوا فأعلموه بذلك فاقبل حتى دخل على زياد. وفي كتاب روضة الصفا، وهو بالفارسية ما تعريبه: ان زيادا لما جاء إلى الكوفة بعد ما كتب اليه عمرو بن حريث بما تقدم أمر بسريره فوضع في المسجد وجلس عليه فكان أول داخل عليه من أشراف الكوفة محمد بن الأشعث بن قيس الكندي فسلم عليه فقال زياد: لا سلم الله عليك ائتني الساعة بابن عمك حجر بن عدي.
فقال محمد: أيها الأمير أنا لا خلطة لي بحجر ولا مجالسة لي معه تعلم أن ما بيني وبينه من العداوة إلى أي حد!. فقال جرير بن عبد الله: أنا آتي به بشرط أن تبعثه إلى معاوية فيرى فيه رأيه، فاجابه زياد إلى ذلك وجاء به جرير فامر به زياد إلى الحبس إلى أن يتم القبض على أصحابه.
ما جرى لحجر بعد مجيئه إلى زياد في روضة الصفا كما سمعت أنه امر به إلى الحبس إلى أن يتم القبض على أصحابه، وفي الأغاني وتاريخي الطبري وابن الأثير: فقال له مرحبا بك يا أبا عبد الرحمن حرب في أيام الحرب وحرب وقد سالم الناس على نفسها تجني براقش فقال حجر: ما خلعت يدا عن طاعة ولا فارقت جماعة واني لعلى بيعتي. فقال: هيهات يا حجر! أتشج بيد وتأسو بأخرى، وتريد إذ أمكننا الله منك أن نرضى؟ هيهات والله فقال ألم تؤمني حتى آتي معاوية فيرى في رأيه؟ قال: بلى انطلقوا به إلى السجن، فلما