هو صحابي لا تابعي مر قول صاحبي الاستيعاب وأسد الغابة أنه كان من فضلاء الصحابة، وقول يحيى بن سليمان: كان من أفاضل الصحابة، وقول ابن سعد: كان جاهليا اسلاميا، وحكايته عن بعض رواة العلم وفوده على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقول صاحب أسد الغابة انه وفد على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وحكاية صاحب الإصابة عن ابن سعد ومصعب الزبيري فيما رواه الحاكم عن مصعب بن عبد الله الزبيري ان حجر بن عدي كان وفد إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ورواية الحاكم عن إبراهيم بن يعقوب أن حجرا أدرك الجاهلية ثم صحب رسول الله (وسمع منه. وقول المرزباني في النبذة المختارة انه وفد على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وروى عنه. وقول ابن عساكر أنه وفد على النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وعن المرزباني قول حجر: لقد أخبرني حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيومي هذا. ويأتي عند تعداد أسماء المقتولين بعذرا قول الشهيد الأول أنه صاحب راية النبي صلى الله عليه وآله وسلم. إلى غير ذلك مما هو نص في أنه صحابي. هذا ولكن بعض العلماء ذكر انه تابعي، فقد مر عن الفضل بن شاذان عده من التابعين الكبار ورؤسائهم وزهادهم. وفي الإصابة عن البخاري وابن أبي حاتم عن أبيه وخليفة بن خياط ابن حبان انهم ذكروه في التابعين. قال: وكذا ذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من تابعي أهل الكوفة فاما أن يكون ظنه آخر واما ان ذهل اه. وفي تاريخ دمشق: قال ابن سعد في الطبقة الأولى من تابعي أهل الكوفة حجر الكندي وقال في الطبقة الرابعة: هو جاهلي اسلامي، وفد على النبي صلى الله عليه وآله وسلم اه. (أقول): ذكر ابن سعد أولا من نزل الكوفة من الصحابة ومن كان من التابعين وغيرهم من أهل الفقه والعلم، وعد جماعة من الصحابة. ثم قال الطبقة الأولى من أهل الكوفة بعد الصحابة ممن روى عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وغيرهم، ثم ذكر جماعة أولهم طارق بن شهاب وقال: انه روى عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وعن الخلفاء الأربعة وغيرهم ثم ذكر جماعة ممن أدرك النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وروى عن الخلفاء وغيرهم وجماعة ممن روى عن الخلفاء وبعض الصحابة. ثم قال: ومن هذه الطبقة ممن روى عن فلان وفلان من الصحابة ولم يرو واحد منهم عن عمر وعلي وابن مسعود شيئا، وعد جماعة ثم قال: ومن هذه الطبقة ممن روى عن علي بن أبي طالب عليه السلام حجر بن عدي الخ. وحينئذ فالجمع بين عده في الطبقة الأولى من تابعي أهل الكوفة وعده في الصحابة أنه لم يقتصر في هذه الطبقة على التابعين فقط بدليل أنه عد فيها طارق بن شهاب، وصرح بروايته عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والجمع بين قوله السابق انه لم يرو عن غير علي شيئا وبين قوله الدال على أنه صحابي: أن له ادراكا وليس له رواية، مع أنه ان ثبت ان له رواية أمكن ان يريد انه لم يرو عن غير علي من الصحابة، لأنه لم يرو عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بدليل عد طارق بن شهاب من هذه الطبقة مع التصريح بروايته عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
أخباره يوم الجمل قال ابن الأثير في الكامل: أنه لما أرسل علي عليه السلام إلى أهل الكوفة يستنجدهم يوم الجمل، قام حجر بن عدي فيمن قام، فقال: أيها الناس أجيبوا أمير المؤمنين وانفروا خفافا وثقالا مروا وأنا أولكم. وقال أيضا: انه لما نفر الناس إلى علي عليه السلام حين بعث يستنفرهم من الكوفة يوم الجمل كان على مذحج والأشعرين حجر بن عدي، وقال أيضا:
كان رؤساء الجماعة من الكوفيين فلان وفلان وأمثال لهم ليسوا دونهم الا انهم لم يؤمروا منهم حجر بن عدي. وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج مما رويناه من الشعر المقول في صدر الاسلام المتضمن كون علي عليه السلام وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قول حجر بن عدي يوم الجمل من رواية أبي مخنف في كتاب الجمل:
يا ربنا سلم لنا عليا * سلم لنا المبارك المضيا المؤمن الموحد التقيا * لا خطل الرأي ولا غويا بل هاديا موقفا مهديا * واحفظه ربي واحفظ النبيا فيه فقد كان له وليا * ثم ارتضاه بعده وصيا ويأتي له رجز يشبه هذا الرجز عند ذكر اخباره بصفين من رواية نصر بن مزاحم وبينهما بعض التفاوت، ولعله قال الرجزين في يومي الجمل وصفين مع تفاوت بينهما والله أعلم.
أخباره بصفين روى نصر بن مزاحم في كتاب صفين انه لما أراد علي المسير إلى أهل الشام دعا اليه من كان معه من المهاجرين والأنصار، فحمد الله واثنى عليه وقال: أما بعد فإنكم ميامين الرأي مراجيح الحلم مقاويل بالحق مباركو الفعل والامر وقد أردنا المسير إلى عدونا وعدوكم فأشيروا علينا برأيكم. فجعلوا يقومون واحدا بعد واحد ويبذلون الطاعة والنصر. ثم روى بسنده في كتاب صفين: أنه خرج حجر بن عدي، وعمرو بن الحمق يظهران البراءة واللعن من أهل الشام، فأرسل اليهما علي أن كفا عما بلغني عنكما. فأتياه فقالا: يا أمير المؤمنين ألسنا محقين؟ قال: بلى! قالا فلم منعتنا من شتمهم؟ قال: كرهت لكم أن تكونوا لعانين شتامين تشتمون وتتبرأون، ولكن لو وصفتم مساوي أعمالهم فقلتم: من سيرتهم كذا وكذا ومن عملهم كذا وكذا كان أصوب في القول وأبلغ في العذر، وقلتم مكان لعنكم إياهم وبراءتكم منهم: (اللهم احقن دماءنا ودماءهم وأصلح ذات بيننا وبينهم واهدهم من ضلالتهم حتى يعرف الحق منهم من جهله ويرعوي عن الغي والعدوان من لهج به) كان هذا أحب إلي وخيرا لكم فقالا يا أمير المؤمنين نقبل عظتك ونتأدب بأدبك وتكلم عمرو فقال كلاما دل على بلوغه الغاية في ولاء أمير المؤمنين ونصحه فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ليت أن في جندي مائة مثلك! فقال حجر إذن والله يا أمير المؤمنين صح جندك وقل فيهم من يغشك! ثم قام حجر فقال: يا أمير المؤمنين! نحن بنو الحرب وأهلها الذين نلقحها وننتجها قد ضارستنا ولنا أعوان ذوو صلاح وعشيرة ذات عدد ورأي مجرب وباس محمود وأزمتنا منقادة لك بالسمع والطاعة فان شرقت شرقنا وان غربت غربنا وما أمرتنا به من أمر فعلناه. فقال علي عليه السلام: أكل قومك يرى مثل رأيك؟
قال: ما رأيت منهم الا حسنا وهذه يدي عنهم بالسمع والطاعة وبحسن الإجابة. فقال له علي خيرا. وقال: ان عليا عليه السلام أمر حجر بن عدي على كندة وحضر موت وقضاعة ومهرة (وقال نصر) ان عليا عليه السلام عقد ألوية القبائل فأعطاها قوما منهم بأعيانهم جعلهم رؤساءهم وأمراءهم: فجعل على كندة حجر بن عدي الكندي. وقال أيضا: كان علي عليه السلام قد قسم عسكره أسباعا. إلى أن قال: وحجر بن عدي الكندي على كندة وحضرموت وقضاعة، فجعل علي يأمر هذا الرجل الشريف فيخرج معه جماعة فيقاتل ويخرج اليه من أصحاب معاوية رجل