لقد طلعت في وجه مصر بوجهه * بلا طالع سعد ولا طائر كهل قال الآمدي وإنما سمقول بعض الهذليين:
فلو كان سلمى حازه وأجازه * رياح ابن سعد رده طائر كهل فوجدت في تفسير أشهار هذيل أن الأصمعي لم يعرف قوله طائر كهل. وقال بعضهم كهل ضخم، وما أظن أحدا قال طائر كهل غير هذا الهذلي، فاستغرب أبو تمام معنى الكلمة فأتى بها وأحب أن لا تفوته (اه) والذي في الديوان (ولا طائر سهل). ومما يندرج في ذلك قوله في وصف النوق:
خوانف يظلمن الظليم إذا عدا * وسيج أبيه وهو للبرق شائم (الخوانف) التي تمر على شق من نشاطها (والظليم) ذكر النعام (والوسيج) سيره السريع. يقول إذا سارت هذه الإبل فكأنما غصبت الظليم سير أبيه إذا عدا شائما للبرق وخشي على بيضه وفراخه المطر فأسرع نحوها. ولا يخفى أن هذا البيت مع اشتماله على الغريب من أعالي الشعر ومعناه من أبدع المعاني. وقال:
أغشيت بارقة الأغماد هامهم * ضربا طلخفا ينسي الجانف الجنفا وقال:
أقول لقرحان من البين لم يضف * رسيس الهوى بين الحشا والترائب وقال:
فكم جزع واد جب ذروة غارب * وبالأمس كانت أنمكته (1) مذانبه إليك جزعنا مغرب الملك كلما * وسطنا ملا صلت عليك سباسبه وأي مرام عنه يعدو نباطه * غدا أو تفل الناعجات أخاشبه وقال:
أما ترى الأرض غضبى والحصى قلقا * والجو بالحرجف (2) النكباء يقتتل ومن شعره الذي ينحو به منحى العرب الأولى ويستعمل غريب ألفاظهم قوله:
يا ظبية الجزع التي بمحجر * ترعى الكباث مصيفة والعلفا تقر وبأسفله ربولا غضة * وتقيل أعلاه كناسا فولفا أتبعت قلبي حسرة كانت أسى * تبعت أماني فيك كانت زخرفا هبت رياحك لي جنوبا سهوة * حتى إذا أورقت عادت حرجفا وقال في وصف الفرس.
صهصلق في الصهيل تحسبه * أشرج حلقومه على جرس فان صهصلق مع كونه غريبا حوشيا فهو متنافر الحروف، وكأنه استعذب هذه اللفظة واستملحها فكررها في شعره وقال:
مزمجر المنكبين صهصلق * يطرق أزل الزمان من صخبه وقال في وصف الفرو يراه الشفيف المرثعن فينثني * حسيرا وتغشاه الصبا فتنكب وقال كالرشأ العوهج أطباه * روع إلى مغزل رغوث ذو ميعة مشيه الدفقي * وذات لوث بها ملوت وقال تخب بنا أدم المهاري وشيمها * على كل نشز مثلئب وفدفد وقال أهلا وسهلا بالامام ومرحبا * سهلت حزونة كل أمر قرقد وقال ومزحزحاتي عن ذراك عوائق * أصحرن بي للعنقفير المؤيد (3) وقال:
وصفراء أحدقنا بها في حدائق * تجود من الأثمار بالثعد والمعد (4) وقال:
هو كوكب الاسلام أية ظلمة * يخرق فمخ الكفر فيها رار (5) وقوله:
كم فتى ذل للزمان وقد * ألقى مقاليده إليه القبيض لوذعي يهلل المشرفي * العضب عنه والزاعبي النخيض وبساط كأنما الآل فيه * وعليه سحق الملاء الرحيض يصبح الداعري ذو الميعة المر * جم فيه كأنه مأبوض فاشمعلوا يلجلجون دؤوبا * مضغا للكلال فيها أنيض وقال يهجو:
أبى لك أن تأبى المخازي كلها * أب أندرهلي وجد معلم فلما بدا لي منك لؤم تحفه * حرمية يستن فيها تبظرم وقال:
ورجوت نائلكم رجاءكم العلى * بتذكر العلجان والبعضيد ونسيت سوء فعالكم نسيانكم * أنسابكم في كورة البشرود وقال:
كان في الأجفلي وفي النقرى * عرفك نظر القموم نضر الوحاد ومن استعماله الغريب في كلامه استعماله أروية واللبب وغيرها في قوله:
قد نابت الجزع من أروية النوب * واستحقبت جدة من دارها الحقب ألوى بصبرك إخلاق اللوى وهفا * بلبك الشوق لما أخفق اللبب كالأرحبي المذكى سيره المرطا * والوخد واللمع والتقريب والخبب وقوله:
منع الزيارة والوصال سحائب * شم الغوارب جأبة الأكتاف وكأنما آثارها من مزنة * بالميث والوهدات والأخياف فان (جأبة والميث) من الألفاظ الغريبة عندنا ولم تكن غريبة عند أبي تمام الذي كان اطلاعه واسعا على لغة العرب. وقوله.
وإذا مشى يمشي الدفقى أو سرى * وصل السرى أو سار سار وجيفا ومن الألفاظ الحوشية التي استعملها (الخفقيق) و (القيذوق)