أفضل؟ قال: (ايمان بالله عز وجل، وجهاد في سبيله) قال قلت يا رسول الله فأي المؤمنين أكملهم ايمانا؟ قال: (أحسنهم خلقا) قال قلت يا رسول الله فأي المؤمنين اسلم؟ قال (من سلم الناس من لسانه ويده) قال: قلت يا رسول الله فأي الهجرة أفضل؟ قال: (من هجر السيئات) قال: قلت يا رسول الله فأي الصلاة أفضل؟ قال (طول القنوت) قال قلت يا رسول الله فما الصيام؟ قال (فرض مجز وعند الله اضعاف كثيرة) قال: قلت يا رسول الله فأي الجهاد أفضل؟ قال (من عقر جواده وأهريق دمه) قال: قلت يا رسول الله فأي الرقاب أفضل؟ قال (أغلاها ثمنا وأنفسها عند ربها) قال:
قلت يا رسول الله فأي الصدقة أفضل؟ قال: (جهد من مقل يسر إلى فقير) قلت يا رسول الله أوصني! قال (أوصيك بتقوى الله فإنه رأس الأمر كله) قلت يا رسول الله زدني! قال (عليك بتلاوة القرآن فان نور لك في الأرض وذكر لك في السماء) قلت يا رسول الله زدني! قال (إياك وكثرة الضحك فإنه يميت القلب ويذهب بنور الوجه) قلت يا رسول الله زدني! قال (عليك بالجهاد فإنه رهبانية أمتي) قلت يا رسول الله زدني! قال (أحب المساكين وجالسهم) قلت: يا رسول الله زدني! قال (انظر إلى من تحتك ولا تنظر إلى من فوقك فإنه أجدر ان لا تزدري نعمة الله عندك) قلت زدني يا رسول الله! قال (صل قرابتك وان قطعوك) قلت يا رسول الله زدني قال (لا تخف في الله تعالى لومة لائم) قلت يا رسول الله زدني قال: (قل الحق وان كان مرا) قلت يا رسول الله زدني، قال: (يردك عن الناس ما تعرف من نفسك، ولا تجد عليهم فيما تأتي، وكفى به عيبا ان تعرف من الناس ما تجهل من نفسك، أو تجد عليهم فيما تأتي). ثم ضرب بيده على صدري فقال (يا أبا ذر! لا عقل كالتدبير، ولا ورع كالكف، ولا حسب كحسن الخلق). وروى الحميري في قرب الإسناد بسنده عن أبي ذر قال: أوصاني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بسبع: أوصاني ان لا انظر إلى من هو فوقي، وأوصاني بحب المساكين والدنو منهم، وأوصاني ان لا أسال أحدا شيئا، وأوصاني ان أقول الحق وان كان مرا، وأوصاني ان أصل رحمي وان أدبرت، وأوصاني ان لا أخاف في الله لومة لائم، وأوصاني ان استكثر من قول لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم فإنها من كنوز الجنة.
وصية النبي الطويلة بي ذر وهذه الوصية رواها الطبرسي في مكارم الأخلاق والشيخ الطوسي في أماليه باسنادهما إلى أبي حرب بن أبي الأسود الدؤلي عن أبيه، وأوردها ورام في مجموعته مرسلة عن أبي حرب عن أبيه، وقد كرر لفظ يا أبا ذر في أول كل جملة من هذه الوصية ونحن حذفناه اختصارا فليعلم ذلك. قال أبو الأسود الدؤلي: قدمت الربذة فدخلت على أبي ذر جندب بن جنادة رضي الله عنه فحدثني أبو ذر قال: دخلت ذات يوم في صدر نهاره على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مسجده فلم أر في المسجد أحدا من الناس الا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي إلى جانبه، فاغتنمت خلوة المسجد فقلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي أوصني بوصية ينفعني الله بها! فقال نعم وأكرم بك يا أبا ذر انك من أهل البيت واني موصيك بوصية فاحفظها فإنها جامعة لطرق الخير وسبله فإنك ان حفظتها كان لك بها كفل: اعبد الله كأنك تراه فان كنت لا تراه فإنه يراك، واعلم أن أول عبادة الله المعرفة به انه الله الأول قبل كل شئ فلا شئ قبله والفرد فلا ثاني له والباقي لا إلى غاية فاطر السماوات والأرض وما فيهما وما بينهما من شئ وهو الله اللطيف الخبير وهو على كل شئ قدير، ثم الايمان به والاقرار بان الله تعالى أرسلني إلى كافة الناس بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله باذنه وسراجا منيرا، ثم حب أهل بيتي الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، واعلم أن الله عز وجل جعل أهل بيتي في أمتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن رغب عنها غرق ومثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله كان آمنا. احفظ ما أوصيك به تكن سعيدا في الدنيا والآخرة. نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ. اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك. إياك والتسويف بأملك فإنك بيومك ولست بما بعده فان يكن غد لك فكن في الغد كما كنت في اليوم وان لم يكن غد لك لم تندم على ما فرطت في اليوم، كم مستقبل يوما لا يستكمله ومنتظر غدا لا يبلغه، لو نظرت إلى الأجل ومصيره لا بغضت الأمل وغروره، كن كأنك في الدنيا كعابر سبيل وعد نفسك من أصحاب القبور. إذا أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء وإذا أمسيت فلا تحدث نفسك بالصباح وخذ من صحتك قبل سقمك ومن حياتك قبل موتك فإنك لا تدري ما اسمك غدا، إياك ان تدركك الصرعة عند العثرة فلا تقال العثرة ولا تمكن من الرجعة ولا يحمدك من خلفت بما تركت ولا يعذرك من تقدم عليه بما اشتغلت به، كن على عمرك أشح منك على درهمك ودينارك، هل ينتظر أحدكم الا غنى مطغيا أو فقرا منسيا أو مرضا مفسدا أو هرما منفذا أو موتا محيرا أو الدجال فإنه شر غائب ينتظر أو الساعة فالساعة أدهى وامر، ان شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة عالم لا ينتفع بعلمه ومن طلب علما ليصرف به وجوه الناس اليه لم يجد ريح الجنة، من ابتغى العلم ليخدع به الناس لم يجد ريح الجنة، إذا سئلت عن علم لا تعلمه فقل لا اعلمه تنج من تبعته ولا تفت بما لا علم لك به تنج من عذاب الله يوم القيامة. يطلع قوم من أهل الجنة إلى قوم من أهل النار فيقولون ما أدخلكم النار وقد دخلنا الجنة لفضل تأديبكم وتعليمكم فيقولون انا كنا نأمر بالخير ولا نفعله. ان حقوق الله جل ثناؤه أعظم من أن يقوم بها العباد وان نعم الله أكثر من أن يحصيها العباد ولكن أمسوا وأصبحوا تائبين. انكم في ممر الليل والنهار في آجال منقوصة واعمال محفوظة والموت يأتي بغتة من يزرع خيرا يوشك ان يحصد خيرا ومن يزرع شرا يوشك ان يحصد ندامة ولكل زارع مثل ما زرع، ولا يسبق بطئ بحظه ولا يدرك حريص ما لم يقدر له، ومن أعطي خيرا فان الله أعطاه ومن وقي شرا فان الله وقاه. المتقون سادة والفقهاء قادة ومجالسهم زيادة، ان المؤمن ليرى ذنبه كأنه تحت صخرة يخاف ان تقع عليه، وان الكافر ليرى ذنبه كأنه ذباب مر على انفه. ان الله تبارك وتعالى إذا أراد بعبد خيرا جعل الذنوب بين عينيه ممثلة الاثم عليه ثقيلا وبيلا وإذا أراد بعبد شرا أنساه ذنوبه. لا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى من عصيت، ان نفس المؤمن أشد ارتكاضا من الخطيئة من العصفور حين يقذف به في شركه. من وافق قوله فعله فذاك الذي أصاب حظه، ومن خالف قوله فعله فإنما يوبخ نفسه.
ان الرجل ليحرم رزقه بالذنب يصيبه. دع ما لست منه في شئ ولا تنطق فيما لا يعنيك، واخزن لسانك كما تخزن ورقك. ان الله جل ثناؤه ليدخل قوما الجنة فيعطيهم حتى يملوا وفوقهم قوم في الدرجات العلى فإذا نظروا إليهم عرفوهم فيقولون ربنا اخواننا كنا معهم في الدنيا فبم فضلتهم علينا؟
فيقال هيهات هيهات انهم كانوا يجوعون حين تشبعون ويظمأون حين تروون ويقومون حين تنامون ويشخصون حين تحفظون. جعل الله ثناءه قرة عيني في الصلاة وحبب إلي الصلاة كما حبب إلى الجائع الطعام والى