ما ورد فيه من الروايات قال الكشي في رجاله: أبو ذر أبو الحسن محمد بن سعد بن مزيد ومحمد بن أبي عوف قالا حدثنا محمد بن أحمد بن حماد أبو علي المحمودي المروزي رفعه قال أبو ذر الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في شأنه: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر، يعيش وحده ويموت وحده ويبعث وحده ويدخل الجنة وحده، وهو الهاتف بفضائل أمير المؤمنين عليه السلام، ووصي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واستخلافه إياه. فنفاه القوم عن حرم الله وحرم رسوله بعد حملهم إياه من الشام على قتب بلا وطاء (إلى أن قال): فقتلوه فقرأ وجوعا وذلا وضمرا (وضرا) وصبرا.
وفي الاستيعاب في باب الأسماء: سئل علي رحمه الله عن أبي ذر فقال ذاك رجل وعى علما عجز عنه الناس ثم اوكا عليه ولم يخرج شيئا منه اه.
أقول: معنى قوله (عجز عنه الناس) - والله أعلم -: انه وعى علما كثيرا عجز غيره عن أن يعي مثله لكثرته، وحاصله انه كان شديد الطلب للعلم ولم يقدر غيره ان يطلب من العلم ويحفظ منه بقدر ما طلب هو وحفظ من العلم لشدة رغبته في اخذ العلم ووعيه، وقوله (ثم أوكأ عليه ولم يخرج شيئا منه): دال على أن ذلك العلم كان مما لا تطيق عقول الناس حمله ولا تقبل نفوسهم التصديق به، فلذلك كتمه عنهم، وأوكأ عليه كالذي يوكئ على مال أو غيره. والا فليس يخفي علي أبي ذر ما جاء من الذم في حق كاتم العلم، ويحتمل ان يراد بعجز الناس عنه عجز عقولهم عن حمله وقبوله ونفوسهم عن التصديق به، وما في هذا الحديث يفسر ما في الحديث الذي رواه ابن سعد في الطبقات بسنده عن زاذان قال: سئل علي عن أبي ذر فقال وعى علما عجز فيه وكان شحيحا حريصا شحيحا على دينه حريصا على العلم وكان يكثر السؤال فيعطى ويمنع اما انه قد ملئ له في وعائه حتى امتلأ. فلم يدروا ما يريد بقوله (وعى علما عجز فيه: اعجز عن كشف ما عنده من العلم؟ أم عن طلب ما طلب من العلم إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم اه.
فان الحديث المروي في الاستيعاب صريح في أن الناس عجزوا عن هذا العلم لا هو، وحينئذ فالظاهر أن يقرأ عجز فيه بالبناء للمجهول اي عجز الناس فيه، ويمكن ان يكون أصله عجز عنه فصحف من النساخ، وقوله: (فلم يدروا الخ...) غير بعيد ان يكون المراد به ان من تأخر عن ذلك العصر لم يدر ما يريد به ولو كان الذين سمعوه لم يدروا ما أراد لسألوه عن مراده، والله أعلم. ولا يخفى ما في هذه الأحاديث من المدح العظيم لأبي ذر بالعلم من أنه وعى من العلم ما عجز عنه الناس، وانه ملئ له في وعائه حتى امتلأ، وأي فضل أفضل من العلم واي درجة أعلى من درجة العلم. وفي الاستيعاب في الأسماء: روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: في أمتي أبو ذر شبيه عيسى بن مريم في زهده وبعضهم يرويه: من سره ان ينظر إلى تواضع عيسى بن مريم فلينظر إلى أبي ذر. ومن حديث ورقاء وغيره عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر ومن سره ان ينظر إلى تواضع عيسى بن مريم فلينظر إلى أبي ذر اه. وفي أسد الغابة: روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال أبو ذر يمشي على الأرض في زهد عيسى بن مريم. وفي الاستيعاب في الأسماء: وروى الأعمش عن شمر بن عطية عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمان بن غنم قال: كنت عند أبي الدرداء إذ دخل رجل من أهل المدينة فسأله فقال أين تركت أبا ذر قال بالربذة فقال أبو الدرداء:
إنا لله وإنا إليه راجعون لو أن أبا ذر قطع مني عضوا ما هجته لما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول فيه (وفيه) في باب الكنى بسنده عن أبي الدرداء أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر قال: وقال أبو ذر لقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما يحرك طائر جناحيه في السماء إلا ذكرنا منه علما اه وفي الإصابة اخرج الطبراني من حديث أبي الدرداء كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يبتدئ أبا ذر إذا حضر ويتفقده إذا غاب اه وروى ابن سعد في الطبقات بسنده عن عبد الله بن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء من رجل أصدق من أبي ذر. وبسنده عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر من سره أن ينظر إلى تواضع عيسى بن مريم فلينظر إلى أبي ذر. وبسنده عن مالك بن دينار أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال أيكم يلقاني على الحال التي أفارقه عليها فقال أبو ذر أنا فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم صدقت ثم قال ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر من سره أن ينظر إلى زهد عيسى بن مريم فلينظر إلى أبي ذر وبسنده عن أبي الدرداء قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر وبسنده عن محمد بن سيرين قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر، وبسنده عن علي أنه قال لم يبق اليوم أحد لا يبالي في الله لومة لائم غير أبي ذر ولا نفسي ثم ضرب بيده إلى صدره (قوله) ولا نفسي ان صح حمل على التواضع وهضم النفس والا فمن الذي لا يخشى في الله لومة لائم مثل علي (ع). وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن مالك بن مرثد عن أبيه عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما تقل الغبراء وما تظل الخضراء من ذي لهجة أصدق لا أوفى من أبي ذر شبيه عيسى بن مريم فقام عمر بن الخطاب فقال يا رسول الله فنعرف ذلك له قال نعم فاعرفوه له، قال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وبسنده عن عبد الله بن عمر سمعت عن أبي الدرداء قال: قال سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ما أظلت الخضراء وما أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر، وفي الدرجات الرفيعة روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أراد أن ينظر إلى زهد عيسى بن مريم فلينظر إلى زهد أبي ذر قال: وأخرج أبو نعيم في حلية الأولياء عن زيد بن وهب وأبو علي المحمودي المروزي في أماليه أنه قال صلوات الله عليه ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر وفي رواية الترمذي أصدق وأوفى من أبي ذر شبيه عيسى بن مريم ثم قال عمر بن الخطاب يا رسول الله أفنعرف ذلك له فقال نعم فاعرفوه وفي رواية المحمودي يعيش وحده ويموت وحده ويبعث وحده و يدخل الجنة وحده.
(وروى) الصدوق في العيون باسناده عن الرضا عن آبائه عن علي صلوات الله عليهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبو ذر صديق هذه الأمة اه وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج: قد جاء في الأخبار الصحيحة أن رسول الله صلى الله عليه وآله سلم قال إن الجنة لتشتاق إلى أربعة علي وعمار وأبي ذر والمقداد اه.
زهده قال الكشي في رجاله: حدثني علي بن محمد القثيبي حدثنا الفضل ابن شاذان حدثني أبي عن علي بن الحكم عن موسى بن بكير قال: قال أبو الحسن (ع) قال أبو ذر من جزى الله عنه الدنيا خيرا فجزاها الله عني مذمة بعد رغيفي شعير أتغدى بأحدهما وأتعشى بالآخر وبعد شملتي صوف اتزر