بإحداهما وارتدي بالأخرى قال وقال إن أبا ذر بكى من خشية الله حتى اشتكى عينيه فخافوا عليهما فقيل له يا أبا ذر لو دعوت الله في عينيك فقال إني عنهما لمشغول وما عناني أكثر فقيل له وما شغلك عنهما قال العظيمتان الجنة والنار قال وقيل له عند الموت يا أبا ذر ما مالك قال عملي قالوا أنا نسألك عن الذهب والفضة قال ما أصبح فلا أمسى وما أمسى فلا أصبح لنا كندوج (1) ندع فيه خير (حر) متاعنا سمعت حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول كندوج المرء قبره، وفي الطبقات الكبير لابن سعد بسنده عن عبد الله بن خراش رأيت أبا ذر في مظلة وفي رواية في مظلة شعراء وتحته امرأة سحماء.
وبسنده عن محمد سالت ابن أخت لأبي ذر ما ترك أبو ذر فقال ترك تأنين وعفوا وأعنزا وركائب فقال العفو الحمار الذكر وبسنده عن جعفر بن برقان عن غالب بن عبد الرحمن لقيت رجلا قال كنت أصلي مع أبي ذر في بيت المقدس فكان إذا دخل خلع خفيه فإذا بزق أو تنخع تنخع عليهما ولو جمع ما في بيته لكان رداء هذا الرجل أفضل من جميع ما في بيته قال جعفر فذكرت هذا الحديث لمهران بن ميمون فقال ما أراه كان ما في بيته يسوى درهمين وفي الاستيعاب روى إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال كان قوتي على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صاعا من تمر فلست بزائد عليه حتى القى الله وفي الطبقات بسنده عن عطاء بن أبي مروان أنه رأى أبا ذر في نمرة مؤتزرا بها قائما يصلي قال فقلت يا أبا ذر أمالك ثوب غير هذه النمرة قال لو كان لي لرأيته علي قال فاني رأيت عليك منذ أيام ثوبين فقال يا بن أخي أعطيتهما من هو أحوج اليهما مني قلت والله انك لمحتاج اليهما قال اللهم غفرا انك لمعظم الدنيا أليس ترى علي هذه البردة ولي أخرى للمسجد ولي اعنز نحلبها ولي أحمرة نحتمل عليها ميرتنا وعندنا من يخدمنا ويكفينا مهنة طعامنا فأي نعمة أفضل مما نحن فيه (وبسنده) عن أبي شعبة قال جاء رجل من قومنا أبا ذر يعرض عليه نفقة فأبى أبو ذر أن يأخذ وقال لنا أحمرة نحتمل عليها وأعنز نحلبها ومحررة تخدمنا وفضل عباءة عن كسوتنا واني لأخاف ان أحاسب بالفضل. وبسنده عن عيسى بن عميلة الفزاري قال أخبرني من رأى أبا ذر يحلب غنيمة له فيبدأ بجيرانه وأضيافه قبل نفسه ولقد رأيته ليلة حلب حتى ما بقي في ضروع غنمه شئ الا مصره وقرب إليهم تمرا وهو يسير ثم تعذر إليهم وقال لو كان عندنا ما هو أفضل من هذا لجئنا به قال:
وما رأيته ذاق تلك الليلة شيئا. وبسنده عن خالد بن حيان قال: كان أبو ذر وأبو الدرداء في مظلتين من شعر بدمشق. وبسنده عن عبد الله بن خراش الكعبي قال: وجدت أبا ذر في مظلة شعر بالربذة تحته امرأة سحماء فقلت يا أبا ذر تزوج سحماء؟ قال أتزوج من تضعني أحب إلي ممن ترفعني - الحديث. وبسنده: كسي أبو ذر بردتين فائتزر بإحداهما وارتدى بشملة وكسا إحداهما غلامه ثم خرج على القوم فقالوا له: لو كنت لبستهما جميعا كان أجمل! قال أجل، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: أطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تكسون. وفي حلية الأولياء بسنده عن عبد الله بن الصامت ابن أخي أبي ذر قال: دخلت مع عمي على عثمان! إلى أن قال:
ثم قام - يعني أبا ذر - فقال اعزموا دنياكم ودعونا وربنا وديننا، وكانوا يقتسمون مال عبد الرحمن بن عوف، وكان عنده كعب، فقال عثمان لكعب: ما تقول فيمن جمع هذا المال فكان يتصدق منه ويعطي في السبل ويفعل ويفعل؟ قال إني لأرجو له خيرا. فغضب أبو ذر ورفع العصا على كعب وقال: وما يدريك يا ابن اليهودية! ليودن صاحب هذا المال يوم القيامة لو كانت عقارب تلسع السويداء من قلبه اه. وفي الدرجات الرفيعة: روي أنه لما توفي عبد الرحمن بن عوف قال أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انا نخاف على عبد الرحمن فيما ترك! فقال كعب: وما تخافون عليه؟ كسب طيبا وأنفق طيبا. فبلغ ذلك أبا ذر رحمة الله عليه، فخرج مغضبا يريد كعبا فمر فلحق عظم بعير فاخذه بيده ثم انطلق يطلب كعبا فقيل لكعب أن أبا ذر يطلبك فخرج هاربا حتى دخل على عثمان يستغيث به وأخبره الخبر فاقبل أبو ذر يقتص الخبر في طلب كعب حتى انتهى إلى دار عثمان فلما دخل قام كعب فجلس خلف عثمان هاربا من أبي ذر رحمه الله فقال أبو ذر ههنه يا ابن اليهودية تزعم أنه لا باس بما ترك عبد الرحمن لقد خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نحو أحد وانا معه فقال: يا أبا ذر فقلت لبيك يا رسول الله فقال الأكثرون هم الأقلون يوم القيامة الا من قال هكذا وهكذا عن يمينه وشماله وفوقه وخلفه وقدامه وقليل ما هم ثم قال يا أبا ذر قلت نعم يا رسول الله بأبي أنت وأمي قال ما سرني أن لي مثل أحد أنفقه في سبيل الله أموت ثم أموت ولا أترك منه قيراطين ثم قال يا أبا ذر أنت تريد الأكثر وأنا أريد الأقل فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يريد هذا وأنت تقول يا ابن اليهودية لا باس بما ترك عبد الرحمن بن عوف كذبت وكذب من قال فلم يرد عليه حرفا حتى خرج (وفي حلية الأولياء) بسنده عن عبد الله ابن خراش: رأيت أبا ذر بالربذة في ظلة له سوداء، له امرأة سحماء، وهو جالس على قطعة جوالق فقيل له انك امرؤ ما يبقى لك ولد. فقال: الحمد لله الذي يأخذهم في دار الفناء ويدخرهم في دار البقاء. قالوا يا أبا ذر لو اتخذت امرأة غير هذه؟ قال: لأن أتزوج امرأة تضعني أحب إلي من امرأة ترفعني. فقالوا له لو اتخذت بساطا ألين من هذا، قال اللهم غفرا، خذ مما خولت ما بدا لك وبسنده عن أبي أسماء الرحبي أنه دخل على أبي ذر وهو بالربذة، وعنده امرأة له سوداء شعثة ليس عليها أثر المجاسد والخلوق، قال فقال الا تنظرون إلى ما تأمرني به هذه السوداء؟ تأمرني أن آتي العراق، فإذا أتيت العراق مالوا علي بدنياهم، وان خليلي عهد إلي ان دون جسر جهنم طريقا ذا دحض ومزلة، وانا ان نأتي عليه وفي أحمالنا اقتدار، أحرى ان ننجو من أن نأتي عليه ونحن مواقير، وبسنده عن أبي بكر بن المنكدر قال بعث حبيب بن مسلمة - وهو أمير الشام - إلى أبي ذر بثلاثمائة دينار وقال استعن بها على حاجتك. فقال أبو ذر: ارجع بها اليه، أما وجد أحدا أغر بالله منا، ما لنا الا ظل نتوارى به، وثلة من غنم تروح علينا، ومولاة لنا تصدقت علينا بخدمتها ثم اني لأتخوف الفضل وبسنده عن محمد بن سيرين. قال: بلغ الحارث - رجلا كان بالشام - من قريش - ان أبا ذر به عوز، فبعث اليه بثلاثمائة دينار. فقال: ما وجد عبد الله تعالى هو أهون عليه مني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (من سأل وله أربعون فقد الحف) ولآل أبي ذر أربعون درهما وأربعون شاة (وبسنده) عن أبي ذر قال: كان قوتي على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صاعا، فلا أزيد عليه حتى القى الله عز وجل (وبسنده) عن أبي ذر قيل له أ لا تتخذ ضيعة كما اتخذ فلان وفلان؟ قال وما أصنع بان أكون أميرا، وإنما يكفيني كل يوم شربة ماء - أو لبن - وفي الجمعة قفيز من قمح (وبسنده) عن ثابت ان أبا ذر مر بأبي الدرداء وهو يبني بيتا له. فقال: لقد حملت الصخر على عواتق الرجال؟ فقال: إنما هو بيت ابنيه. فقال له أبو ذر رضي الله تعالى عنه: مثل ذلك، فقال يا أخي لعلك