أنت فيها ساعة عملك فاجتهد فيها لنفسك واصبر فيها عن معاصي ربك فإن لم تفعل فقد هلكت) ثم نادى بأعلى صوته يا أيها الناس قد قتلكم حرص لا تدركونه (وفي رواية الدرجات) قتلني هم يوم لا أدركه اه) وفي الدرجات الرفيعة: (روي أنه قال قتلني هم يوم لا أدركه قيل وكيف ذلك يا أبا ذر قال إن املي جاوز أجلي). قال وعن أبي عبد الله عن أبيه عليهما السلام أنه قال في خطبة أبي ذر رضي الله عنه يا مبتغي العلم لا يشغلك أهل ومال عن نفسك أنت يوم تفارقهم كضيف بت فيهم ثم غدوت إلى غيرهم. الدنيا والآخرة كمنزل تحولت منه إلى غيره وما بين البعث والموت الا كنومة نمتها ثم استيقظت منها يا جاهل العلم تعلم العلم فان قلبا ليس فيه شرف العلم كالبيت الخراب الذي لا عامر له (قال) وعن أبي جعفر (ع) عن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال يا باغي العلم قدم لمقامك بين يدي الله فإنك مرتهن بعملك كما تدين تدان يا باغي العلم صل قبل ان لا تقدر على ليل ولا نهار تصلي فيه انما مثل الصلاة لصاحبها كمثل رجل دخل على ذي سلطان فانصت له حتى فرغ من حاجته وكذلك المرء المسلم بإذن الله عز وجل ما دام في الصلاة لم يزل الله عز و جل ينظر اليه حتى يفرغ من صلاته يا باغي العلم تصدق من قبل ان لا تعطى شيئا ولا جمعه انما مثل الصدقة وصاحبها مثل رجل طلبه قوم بدم فقال لهم لا تقتلوني اضربوا لي اجلا أسعى في رجالكم كذلك المرء المسلم بإذن الله تعالى كلما تصدق بصدقة حل بها عقدة من رقبته حتى يتوفى الله عز وجل أقواما وهو عنهم راض ومن رضي الله عز وجل عنه فقد امن من النار يا باغي العلم ان هذا اللسان مفتاح خير ومفتاح شر فاختم على فمك كما تختم على ذهنك وعلى ورقك يا باغي العلم ان هذه الأمثال ضربها الله عز وجل للناس وما يعقلها الا العالمون اه (وفي حلية الأولياء) بسنده كان أبو ذر يقول يا أيها الناس اني لكم ناصح، اني عليكم شفيق، صلوا في ظلمة الليل لوحشة القبور، صوموا في الدنيا لحر يوم النشور، تصدقوا مخافة يوم عسير. يا أيها الناس اني لكم ناصح، اني عليكم شفيق (وفي الدرجات) من كلام أبي ذر:
الدنيا ثلاث ساعات ساعة مضت، وساعة أنت فيها، وساعة لا تدري أتدركها أم لا فلست تملك بالحقيقة الا ساعة واحدة إذ الموت من ساعة إلى ساعة، وروى الكليني في الكافي بسنده عن أبي عبد الله (ع) قال كان أبو ذر يقول في خطبته يا مبتغي العلم كأن شيئا من الدنيا لم يكن شيئا الا ما ينفع خيره ويضر شره الا من رحم الله يا مبتغي العلم لا يشغلك أهل ولا مال عن نفسك أنت يوم تفارقهم كضيف بت فيهم ثم غدوت عنهم إلى غيرهم و الدنيا والآخرة كمنزل تحولت منه إلى غيره وما بين الموت والبعث الا كنومة نمتها ثم استيقظت منها يا مبتغي العلم قدم لمقامك بين يدي الله عز وجل فإنك مثاب بعملك كما تدين تدان يا مبتغي العلم (وبسنده) عن أبي عبد الله (ع) قال: جاء رجل إلى أبي ذر فقال يا أبا ذر ما لنا نكره الموت؟ فقال: لأنكم عمرتم الدنيا وخربتم الآخرة فتكرهون ان تنتقلوا من عمران إلى خراب! فقال له: كيف ترى قدومنا على الله؟ فقال اما المحسن منكم فكالغائب يقدم على أهله و اما المسئ فكالآبق يرد على مولاه! قال: فكيف ترى حالنا عند الله؟ قال اعرضوا اعمالكم على الكتاب، ان الله يقول * (ان الأبرار لفي نعيم وان الفجار لفي جحيم) * قال فقال الرجل: فأين رحمة الله؟ قال رحمة الله قريب من المحسنين. قال أبو عبد الله (ع): وكتب رجل إلى أبي ذر رضي الله عنه يا أبا ذر اطرفني بشئ من العلم فكتب اليه: ان العلم كثير ولكن ان قدرت على أن لا تسئ إلى من تحبه فافعل! فقال له الرجل: وهل رأيت أحدا يسئ إلى من يحبه؟ فقال: نعم نفسك أحب الأنفس إليك فان أنت عصيت الله فقد أسأت إليها. وروى الشيخ في الأمالي باسناده انه قيل لأبي ذر: كيف أصبحت يا صاحب رسول الله؟ قال أصبحت بين نعمتين بين ذنب مستور وثناء من اغتر به فهو مغرور. وفي كتاب البخلاء: قال أبو ذر لمن بذل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يخضمون ونقضم والموعد الله ان الله قد فضلك فجعلك انسانا فلا تجعل نفسك بهيو لا سبعا، واحذر سرعة الكظة وسرف البطنة اه.
كلامه لما مات ابنه روى الكليني في الكافي بسنده عن علي بن إبراهيم رفعه قال: لما مات ذر بن أبي ذر مسح أبو ذر القبر بيده ثم قال: رحمك الله يا ذر والله ان كنت بي بارا ولقد قبضت واني عنك لراض، اما والله ما بي فقدك وما علي من غضاضة، وما لي إلى سوى الله من حاجة، ولولا هول المطلع لسرني ان أكون مكانك، ولقد شغلني الحذر لك عن الحذر عليك، والله ما بكيت لك، ولكن بكيت عليك، فليت شعري ما ذا قلت وما ذا قيل لك.
ثم قال: اللهم إني قد وهبت له ما افترضت عليه من حقي فهب له ما افترضت عليه من حقك، فأنت أحق بالحق مني. ورواه علي بن إبراهيم في تفسيره نحوه فقاله لما سير أبو ذر إلى الربذة مات بها ابنه ذر، فوقف على قبره فقال: رحمك الله يا ذر لقد كنت كريم الخلق بارا بالوالدين وما علي في موتك من غضاضة، وما بي إلى غير الله من حاجة، وقد شغلني الاهتمام لك عن الاغتمام بك، ولولا هول المطلع لأحببت ان أكون مكانك، فليت شعري ما قالوا لك وما قلت لهم. ثم قال: اللهم انك فرضت لك عليه حقوقا وفرضت لي عليه حقوقا، فاني قد وهبت له ما فرضت عليه من حقوقي فهب له ما فرضت عليه من حقوقك فإنك أولى بالحق وأكرم (والكرم) مني اه.
نفيه إلى الشام قال الحاكم في المستدرك: محنة أبي ذر. قد صحت الرواية من أوجه عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : أشد الناس بلاء الأنبياء ثم العلماء ثم الأمثل فالأمثل. ثم روى الحاكم بسنده عن أبي عثمان النهدي عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يا أبا ذر كيف أنت إذا كنت في حثالة وشبك بين أصابعه؟
قلت يا رسول الله فما تأمرني؟ قال: اصبر اصبر اصبر، خالقوا الناس بأخلاقهم وخالفوهم في اعمالهم - هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه اه. وروى أبو نعيم في حلية الأولياء بسنده عن أبي ذر قال:
بينا انا واقف مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال لي: يا أبا ذر أنت رجل صالح وسيصيبك بلاء بعدي، فقلت في الله؟ ان بني أمية تهددني بالفقر والقتل، ولبطن الأرض أحب إلي من ظهرها وللفقر أحب إلي من الغنى فقال له رجل: يا أبا ذر ما لك إذا جلست إلى قوم قاموا وتركوك؟ قال: لأني أنهاهم عن الكنوز اه. وقد مضى في بعض الكلمات ان أبا ذر خرج إلى الشام بعد وفاة أبي بكر، وليس ذلك بصواب وما كان أبو ذر ليترك المدينة مهاجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومسجده ومجاورة قبره اختيارا ويذهب إلى الشام فيجاور بني أمية، وانما خرج إلى الشام منفيا. قال ابن أبي الحديد في شرح النهج: اعلم أن الذي عليه أكثر أرباب السيرة وعلماء الأخبار والنقل ان