وان لم تستطع فان في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا، وان النصر مع الصبر والفرج مع الكرب وان مع العسر يسرا. استغن بغنى الله يغنك الله، فقلت ما هو يا رسول الله؟ قال غداء يوم وعشاء ليلة فمن قنع بما رزقه الله فهو أغنى الناس. ان الله عز وجل يقول: اني لست كلام الحكيم أتقبل ولكن همه وهواه فإن كان همه وهواه فيما أحب وأرضى جعلت صمته حمدا لي ووقارا وان لم يتكلم. ان الله تبارك وتعالى لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم. التقوى ههنا التقوى ههنا - وأشار إلى صدره. اربع لا يصيبهن إلا مؤمن: الصمت وهو أول العبادة، والتواضع لله سبحانه، وذكر الله تعالى على كل حال، وقلة الشئ - يعني قلة المال - هم بالحسنة وان لم تعملها لكي لا تكتب من الغافلين. من ملك ما بين فخذيه وبين لحييه دخل الجنة، قلت: يا رسول الله انا لنؤخذ بما تنطق به ألسنتنا!
فقال وهل يكب الناس على مناخرهم في النار الا حصايد ألسنتهم، انك لا تزال سالما ما سكت فإذا تكلمت كتب لك أو عليك. ان الرجل يتكلم بالكلمة في المجلس ليضحكهم بها فيهوي في جهنم ما بين السماء والأرض. ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ويل له.
من صمت نجا فعليك بالصدق ولا تخرجن من فيك كذبة ابدا، قلت يا رسول الله فما توبة الرجل الذي يكذب متعمدا؟ فقال: الاستغفار وصلاة الخمس تغسل ذلك. ايا والغيبة فان الغيبة أشد من الزنا، قلت يا رسول الله ولم ذاك بأبي أنت وأمي؟ قال لأن الرجل يزني فيتوب إلى الله فيتوب الله عليه، والغيبة لا تغفر حتى يغفرها صاحبها. سباب المسلم فسوق وقتاله كفر واكل لحمه من معاصي الله وحرمة ماله كحرمة دمه، قلت يا رسول الله وما الغيبة؟ قال ذكرك أخاك بما يكره! قلت يا رسول الله فإن كان فيه ذاك الذي يذكر به؟ قال اعلم انك إذا ذكرته بما هو فيه فقد اغتبته وإذا ذكرته بما ليس فيه بهته. من ذب عن أخيه المسلم الغيبة كان حقا على الله عز وجل ان يعتقه من النار. من اغتيب عنده اخوه المسلم وهو يستطيع نصره فنصره نصره الله عز وجل في الدنيا والآخرة، فان خذله - وهو يستطيع نصره - خذله الله في الدنيا والآخرة. لا يدخل الجنة قتات، قلت وما القتات قال النمام. صاحب النميمة لا يستريح من عذاب الله عز وجل في الآخرة. من كان ذا وجهين ولسانين في الدنيا فهو ذو لسانين في النار.
المجالس بالأمانة وإفشاء سر أخيك خيانة فاجتنب ذلك واجتنب مجلس العشيرة (الشعيرة). تعرض اعمال أهل الدنيا على الله من الجمعة إلى الجمعة في يوم الاثنين والخميس فيغفر لكل عبد مؤمن الا عبدا كان بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: اتركوا عمل هذين حتى يصطلحا. ايا وهجران أخيك فان العمل لا يتقبل مع الهجران. أنهاك عن الهجران وان كنت لا بد فاعلا فلا تهجره ثلاثة أيام كملا فمن مات فيها مهاجرا لأخيه كانت النار أولى به. من أحب ان يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار. ومن مات وفي قلبه مثقال ذرة من كبر لم يجد رائحة الجنة الا ان يتوب قبل ذلك، فقال رجل: يا رسول الله اني ليعجبني الجمال حتى وددت ان علاقة سوطي وقبال نعلي حسن فهل يرهب علي ذلك؟ قال كيف تجد قلبك؟ قال أجده عارفا للحق مطمئنا اليه، قال: ليس ذلك بالكبر، ولكن الكبر ان تترك الحق وتتجاوزه إلى غيره وتنظر إلى الناس ولا ترى ان أحدا عرضه كعرضك ولا دمه كدمك. أكثر من يدخل النار المستكبرون، فقال رجل وهل ينجو من الكبر أحد يا رسول الله؟ قال نعم من لبس الصوب وركب الحمار وحلب العنز وجالس المساكين. ومن حمل بضاعته فقد برئ من الكبر - يعني ما يشتري من السوق -. من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله عز وجل اليه يوم القيامة. من كان له قميصان فليلبس أحدهما وليكس الآخر أخاه. سيكون ناس من أمتي يولدون في النعيم ويغذون به همتهم ألوان الطعام والشراب ويمدحون بالقول أولئك شرار أمتي. من ترك لبس الجمال وهو يقدر عليه تواضعا لله عز وجل فقد لبس حلة الكرامة. طوبى لمن تواضع لله تعالى في غير منقصة وأذل نفسه في غير مسكنة وانفق مالا جمعه في غير معصية ورحم أهل الذل والمسكنة وخالط أهل الفقه والحكمة، طوبى لمن صلحت سريرته وحسنت علانيته وعزل عن الناس شره، طوبى لمن عمل بعمله وانفق الفضل من ماله وامسك الفضل من قوله. البس الخشن من اللباس والصفيق من الثياب لئلا يجد الفخر فيك مسلكا. يكون في آخر الزمان قوم يلبسون الصوف صيفهم وشتاءهم يرون ان لهم الفضل بذلك على غيرهم أولئك يلعنهم ملائكة السماوات والأرض. الا أخبرك بأهل الجنة؟ قلت بلى يا رسول الله قال كل أشعث اغبر ذي طمرين لا يؤبه به لو اقسم على الله لأبره.
مواعظه وحكمه في حلية الأولياء بسنده عن أبي ذر أنه قال: من أراد الجنة فليصمد صمدها (وبسنده) عن أبي ذر هل ترى الناس ما أكثرهم ما فيهم خير الا تقي أو تائب. (وبسنده) ان رجلا رأى أبا ذر وهو يتبوء مكانا فقال له ما تريد يا أبا ذر فقال اطلب موضعا أنام فيه نفسي هذه مطيتي ان لم ارفق بها لم تبلغني (ومن مواعظه) ما في حلية الأولياء والدرجات الرفيعة وبينهما شئ من التفاوت ونحن نجمع بين لفظي الروايتين فنذكر ما في الحلية ونزيد عليه ما في الدرجات وما لا يمكن جمعه نذكره في الحاشية (ففي الحلية) بسنده المتصل إلى سفيان الثوري قال قام أبو ذر الغفاري عند الكعبة فقال (وفي الدرجات الرفيعة) روي عن أبي جعفر (ع) قال قام أبو ذر بباب الكعبة فقال أيها الناس انا جندب بن جنادة الغفاري هلموا إلى الأخ الناصح الشفيق فاكتنفه الناس (فقالوا دعوتنا فانصح لنا) فقال أرأيتم لو أن أحدكم أراد سفرا أليس يتخذ من الزاد ما يصلحه ويبلغه قالوا بلى، قال فسفر طريق القيامة ابعد ما تريدون فما بالكم لا تتزودون له ما يصلحكم فيه قالوا وما يصلحنا (1) قال حجوا حجة (2) لعظام الأمور صوموا يوما شديدا حره لطول يوم النشور (3) صلوا (4) ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور (5) كلمة خير تقولها أو كلمة سوء تسكت عنها لوقوف يوم عظيم تصدق بما لك لعلك تنجو من عسيرها اجعل الدنيا مجلسين مجلسا في طلب الآخرة ومجلسا في طلب الحلال والثالث يضرك ولا ينفعك لا تريده (6) (واجعل الكلام كلمتين كلمة للآخرة وكلمة في التماس الحلال والثالثة تضرك) اجعل المال درهمين درهما تنفقه على عيالك من حله ودرهما تقدمه لآخرتك والثالث يضرك ولا ينفعك لا تريده (واجعل الدنيا ساعة من ساعتين ساعة مضت بما فيها فلست قادرا على ردها وساعة آتية لست على ثقة من ادراكها والساعة التي