المهدى بالولاية وفى سنة ست وثمانين وصل أبو القاسم القائم إلى مصر واستدعى أبا طاهر القرمطي وانتظره فأعجله مؤنس الخادم عن انتظاره وسار من قبل المقتدر فهزمه ورجع إلى المهدية ثم سار أبو الطاهر سنة سبع إلى البصرة فاستباحها ورجع واضطربت بغداد وأمر المقتدر باصلاح ما تثلم من سورها ثم زحف إليها أبو الطاهر سنة احدى عشرة فاستباحها وخرب الجامع وتركها خربة ثم خرج سنة ثنتي عشرة لاعتراض الحاج فأوقع بهم وهزم قواد السلطان الذين كانوا معهم وأسر أميرهم أبا النجاء بن حمدون واستصفى النساء والصبيان وترك الباقي بالبرية فهلكوا ثم خرج سنة أربع عشرة إلى العراق فعاث في السواد ودخل الكوفة وفعل فيها أشد من البصرة وفى سنة أربع عشرة وقع بين العقدانية وأهل البحرين خلاف فخرج أبو الطاهر وبنى مدينة الأحساء وسماها المؤمنية فلم تعرف الا به وبنى قصره وأصحابه حوله وفى سنة خمش عشرة استولى على عمان وهرب واليها في البحر إلى فارس وزحف سنة ست عشرة إلى الفرات وعاث في بلاده وبعث المقتدر عن يوسف بن أبي الساج من آذربيجان وولاه واسط وبعثه لحربه فالتقوا بظاهر الكوفة وهزمه أبو طاهر وأسره وأرجف أهل بغداد وسار أبو طاهر إلى الأنبار وخرجت العساكر من بغداد لدفاعه مع مؤنس المظفر وهرون بن غريب الخال فلم يطيقوا دفاعه وتوافقوا ثم تحاجزوا وعاد مؤنس إلى بغداد وسار هو إلى الرحبة واستباحها ودوخ بلاد الجزيرة بسراياه وسار إلى هشت والكوفة وقاتل الرقة فامتنعت عليه وفرض الإتاوة على أعراب الجزيرة يحملونها إلى هجر ودخل في دعوته جماعة من بني سليم بن منصور وبنى عامر بن صعصعة وخرج إليه هارون بن غريب الخال فانصرف أبو طاهر إلى البرية وظفر هارون بفريق منهم فقتلهم وعاد إلى بغداد وفى سنة سبع عشرة هجم على مكة وقتل كثيرا من الحاج ومن أهلها ونهب أموالهم جميعا وقلع باب البيت والميزاب وقسم كسوة البيت في أصحابه واقتلع الحجر الأسود وانصرف به وأراد أن يجعل الحج عنده وكتب إليه عبيد الله المهدى من القيروان يوبخه على ذلك ويتهدده فكتب إليه بالعجز عن رده من الناس ووعد برد الحجر فرده سنة تسع وثلاثين بعد أن خاطبه منصور إسماعيل من القيروان في رده فردوه وقد كان الحكم المتغلب على الدولة ببغداد أيام المستكفى بذل لهم خمسين ألفا من الذهب على أن يردوه فأبوا وزعموا أنهم انما حملوه بأمر امامهم عبيد الله وانما يردونه بأمره وأمر خليفته وأقام أبو طاهر بالبحرين وهو يتعاهد العراق والشأم بالغزو حتى ضربت له الإتاوة ببغداد وبدمشق على بنى طفج ثم هلك أبو طاهر سنة ثنتين وثلاثين لاحدى وثلاثين سنة من ملكه ومات عن
(٨٩)