مكة فانتقض عسكره وقتل وتولى قتله جياش بيده سنة ثلاث وسبعين ثم قتل عبد الله الصليحي أخا على في مائة وسبعين من بني الصليحي وأسر زوجته أسماء بنت عمه شهاب في مائة وخمس وثلاثين من ملوك القحطانيين الذين غلبوا باليمن وبعث إلى العسكر الذين ساروا القتل سعيد وجياش فأمنهم واستخدمهم ورحل إلى زبيد وعليها أسعد بن شهاب أخو زوجة الصليحي ففر أسعد إلى صنعاء ودخل سعيد إلى زبيد وأسماء زوجته الصليحي امامه في هودج ورأس الصليحي وأخيه عند هودجها وأنزلها بدارها ونصب الرأسين قبالة طاقها في الدار وامتلأت القلوب منه رعبا وتلقب نصير الدولة وتغلب ولاة الحصون على ما بأيديهم ودس المكرم بن الصليحي بن سعيد بن نجاح بصنعاء على لسان بعض أهل الثغور وضمن له الظفر فجاء سعيد لذلك في عشرين ألفا من الحبشة وسار إليه المكرم من صنعاء وهزمه وحال بينه وبين زبيد فهرب إلى جزيرة دهلك ودخل المكرم زبيد وجاء إلى أمه وهي جالسة بالطاق وعندها رأس الصليحي وأخيه فأنزلهما ودفنهما وولى على زبيد خاله أسعد سنة سبع وتسعين وكتب المكرم إلى عبد الله بن يعفر صاحب حصن الشعر بأن يغرى سعيدا بالمكرم وانتزاع ذي جبلة من يده لاشتغاله بلذاته واستيلاء زوجه سيدة بنت أحمد عليه وانه بلخ فتمت الحيلة فسار سعيد في ثلاثين ألفا من الحبشة وأكمن له المكرم تحت حصن الشعر فثاروا به هنالك وانهزمت عساكره وقتل ونصب رأسه عند الطاق الذي كان فيها رأس الصليحي بزبيد واستولى عليها المكرم وانقطع منها ملك الحبشة وهرب جياش ومعه وزير أخيه خلف بن أبي الظاهر المرواني ودخلا عدن متنكرين ثم لحقا بالهند وأقاما بها ستة أشهر ولقيا هنالك كاهنا جاء من سمر قند فبشرهما بما يكون لهما فرجعا إلى اليمن وتقدم خلف الوزير إلى زبيد وأشاع موت جياش واستأمن لنفسه ولحق جياش فأقاما هنالك مختفيين وعلى زبيد يومئذ أسعد بن شهاب خال المكرم ومعه علي بن القم وزير المكرم وكان حنقا على المكرم ودولته فداخله الوزير خلف ولاعب ابنه الحسين الشطرنج ثم انتقل إلى ملاعبة أبيه فاغتبط به وأطلعه على رأيه في الدولة وكان يتشيع لان نجاح وانتمى بعض الأيام وهو يلاعب فسمعه علي بن القم واستكشف أمره فكشف له القناع واستحلفه وجياش أثناء ذلك يجمع أشياعه من الحبشة وينفق فيهم الأموال حتى اجتمع له خمسة آلاف فثار بهم في زبيد سنة ثنتين وثمانين ونزل دار الامارة ومن على أسعد بن شهاب وأطلقه لزمانة كانت به وبقي ملكا على زبيد يخطب للعباسيين والصليحيون يخطبون للعبيديين والمكرم يبعث العرب للغارة على زبيد كل حين إلى أن هلك جياش على رأس المائة الخامسة وكانت كنيته ابن القطاى وكان
(٢١٧)