ولما استولت أم فاتك على بنى جياش أيام ابنها فاتك بن منصور أحسنت فيه المعتقد وأطلقت له ولقرابته وأصهاره خرجهم فحسنت أحوالهم وآثروا وركبوا الخيول وكان يقول في وعظه دنا الوقت يشير إلى وقت ظهوره واشتهر ذلك عنه وكانت أم فاتك تصل أهل الدولة عنه فلما ماتت سنة خمس وأربعين جاءه أهل الجبال وحالفوه على النصرة وخرج من تهامة سنة ثمان وثلاثين وقصد الكودا فانهزم وعاد إلى الجبال وأقام إلى سنة احدى وأربعين ثم اعادته الحرة أم فاتك إلى وطنه وماتت سنة خمس وأربعين فخرج إلى خوازن ونزل ببطن منهم يقال له حيوان في حصن يسمى الشرف وهو حصن صعب ليس يرتقى على مسيرة يوم من سفح الجبل في طريقه أو عار في واد ضيق عقبة كؤد وأصحابه سماهم الأنصار وسمى كل من صعد معه من تهامة المهاجرين وأمر للأنصار رجلا اسمه سبا وللمهاجرين آخر اسمه شيخ الاسلام واسمه النوبة واحتجب عمن سواهما وجعل يشن الغارات على أرض تهامة وأعانه على ذلك خراب النواحي بزبيد فأخرب سابلتها ونواحيها وانتهى إلى حصن الدائر على نصف مرحلة من زبيد وأعمل الحيل في قتل مسرور مدبر الدولة فقتل كما مر وأقام يخيف زبيد بالزحوف قال عمارة زاحفها سبعين وحفا وحاصرها طويلا واستمدوا الشريف أحمد بن حمزة السليماني صاحب صعدة فأمدهم وشرط عليهم قتل سيدهم فاتك فقتلوه سنة ثلاث وخمسين وملك عليهم الشريف ثم عجز وهرب عنهم واستولى علي بن مهدي عليها في رجب سنة أربع وخمسين ومات لثلاثة أشهر من ولايته وكان يخطب له بالامام المهدى أمير المؤمنين وقامع الكفرة والملحدين وكان على رأى الخوارج يتبرأ من على وعثمان ويكفر بالذنوب وله قواعد وقواميس في مذهبه يطول ذكرها وكان يقتل على شرب الخمر قال عمارة كان يقتل من خالفه من أهل القبلة ويبيح نساءهم وأولادهم وكانوا يعتقدون فيه العصمة وكانت أموالهم تحت يده ينفقها عليهم في مؤنهم ولا يملكون معه مالا ولا فرسا ولا سلاحا وكان يقتل المنهزم من أصحابه ويقتل الزاني وشارب الخمر وسامع الغناء ويقتل من تأخر عن صلاة الجماعة ومن تأخر عن وعظه يوم الاثنين والخميس وكان حنفيا في الفروع ولما توفى تولى بعده ابنه عبد النبي وخرج من زبيد واستولى على اليمن أجمع وبه يومئذ خمس وعشرون دولة فاستولى على جميعها ولم يبق له سوى عدن ففرض عليها الجزية ولما دخل شمس الدولة تور شاه بن أيوب أخو صلاح الدين سنة ست وستين وخمسمائة واستولى على الدولة التي كانت باليمن فقبض على عبد النبي وامتحنه وأخذ منه أموالا عظيمة وحمله إلى عدن فاستولى عليها ثم نزل زبيد واتخذها كرسيا لملكه ثم استوخمها وسار في الجبال ومعه الأطباء يتخير مكانا صحيح الهواء ليتخذ فيه سكناه فوقع
(٢٢٠)