ثلاث عشرة وثلثمائة ملك أخوه ادفونش ونازعه أخوه سانجة واستقل غرسية بليون من قواعد ملكهم وظاهر ادفونش على أمره ابن أخيه وهو ادفونش بن فرويلة وصهره سانجة فانهزموا وافترقت كلمتهم ثم اجتمعوا ثانية وخلعوا سانجة وأخرجوه عن مدينة ليون ففر إلى قاصية جليقة وولى أخاه رذمير بن أر دون على ملكه بغربي جليقة إلى قلنسرية وهلك سانجة اثر ذلك ولم يعقب واستقل ادفونش وخرج على أخيه رذمير وملك مدينة سنت ماذكش ثم أكثروا عليه العذل في نزوعه عن الرهبانية فرجع إلى رهبانيته ثم خرج ثانيا وملك مدينة ليون وكان رذمير أخوه غازيا إلى سمورة فرجع إليه وحاصره بها حتى اقتحمها عليه عنوة سنة عشرين وثلثمائة فحبسه ثم سمله في جماعة من ولد أبيه اردون خافهم على أمره وكان غرسية بن سانجة ملك البشكنس لما هلك قام بأمرهم بعده أخته طوطة وكفلت ولده ثم انتقضت سنة خمس وعشرين فغزا الناصر بلادها وخرب نواحي بليونة وردد عليها الغزوات وفى أثناء هذه الغزوات نازل محمد ابن هشام التجيبي سرقسطة حتى أطاع كما مر وكذا أمية بن إسحاق في تسترين وكان الناصر سنة ثنتين وعشرين قد غزا إلى وخشمة واستدعى محمد بن هشام من سرقسطة فامتنع ورجع إليه وافتتح حصونه وأخذ أخاه يحيى من حصن روطة ثم رحل إلى ينبلونة فجاءته طوطة بنت انثير بطاعتها وعقد لابنها غرسية بن سانجة على ينبلونة ثم عدل إلى البلة وبسائطها فدوخها وخرب حصونها ثم اقتحم جليقة وملكها يومئذ رذمير ابن أر دون فخام عن اللقاء ودخل هو وحشمه فنازله الناصر فيها وهدم برغث وكثيرا من معاقلهم وهزمهم مرارا ورجع ثم كانت بعدها غزوة الخندق ولم يغز الناصر بعدها بنفسه وكان يردد الصوائف وهابته أمم النصرانية ووفدت عليه سنة ست وثلاثين رسل صاحب القسطنطينية وهديته وهو يومئذ قسنطين بن ليون بن شل واحتفل الناصر للقائهم في يوم مشهود وكتب فيه العساكر بالسلاح في أكمل هيئة وزي وزين القصر الخلافي بأنواع الزينة وأصناف الستور وجمل السرير الخلافي بمقاعد الأبناء والاخوة والأعمام والقرابة ورتب الوزراء والخدمة في مواقفهم ودخل الرسل فهالهم ما رأوا وقربوا حتى أدوا رسالتهم وأمر يومئذ الاعلام ان يخطبوا في ذلك المحفل ويعظموا أمر الاسلام والخلافة ويشكروا نعمة الله على ظهور دينه واعزازه وذلة عدوه فاستعدوا لذلك ثم بهرهم هول المجلس فرجعوا وشرعوا في الغزل فارتج عليهم وكان فيهم أبو على القالي وافد العراق كان في جملة الحكم ولى العهد وندبه لذلك استئثارا لفخره فلما وجموا كلهم قام منذر بن سعيد البلوطي من غير استعداد ولا روية ولا تقدم له أحد في ذلك بشئ فخطب واستخفر وجلا في ذلك القصد وأنشد آخره شعرا طويلا
(١٤٢)