وقفلا وعظمت فتوحات الحكم وقواد الثغور في كل ناحية وكان من أعظمها فتح قلهرة من بلاد البشكنس على يد غالب فعمرها الحكم واعتنى بها ثم فتح قطريبة على يد قائد وشقة وغنم ما فيها من الأموال والسلاح والآلات والأقوات وفى بسيطه من الغنم والبقر والرمك والا طعمة والسبي ما لا يحصى وفى سنة أربع وخمسين سار غالب إلى بلاد ألبة ومعه يحيى بن محمد التجيبي وقاسم بن مطرف بن ذي النون فأخذ حصن غرماج ودوخ بلادهم وانصرف وظهرت في هذه السنة مراكب المجوس في البحر الكبير وأفسدوا بسايط احشبونة وناشبهم الناس القتال فرجعوا إلى مراكبهم وأخرج الحكم القواد لاحتراس السواحل وأمر قائد البحر عبد الرحمن بن رماحس بتعجيل حركة الأسطول ثم وردت الاخبار بأن العساكر نالت منهم من كل جهة من السواحل ثم كانت وفادة أر دون بن ادفونش ملك الجلالقة وذلك أن الناصر لما أعان عليه سانجة بن رذمير وهو ابن عمه وهو الملك من قبل أر دون وحمل النصرانية واستظهر أر دون بصهره فردلند قومس قشتيلية ثم توقع مظاهرة الحكم لسانجة كما ظهره أبو الناصر فبادر بالوفادة على الحكم مستجيرا به فاحتفل لقدومه وكان يوما مشهودا وصفه ابن حبان كما وصف أيام الوفادات قبله ووصل إلى الحكم وأجلسه ووعده بالنصر على عدوه وخلع عليه لما جاء ملقيا بنفسه وعاقده على موالاة الاسلام ومقاطعة فردلند قومس وأعطى على ذلك صفقة يمينه ورهن ولده غرسية ودفعت الصلات والحملات له ولأصحابه وانصرف معه وجوه نصارى الذمة بقرطبة وليد بن مغيث القاضي وأصبغ بن عبد الله بن نبيل الجاتليق وعبد الله بن قاسم مطران طليطلة ليوطئوا له الطاعة عند رسميته ويقبضوا رهنه وذلك سنة احدى وخمسين وعند ذلك بعث ابن عمه سانجة بن رذمير ببيعته وطاعته مع قولب من أهل جليقة وسمورة وأساقفهم يرغب في قبوله ويبقى بما فعل أبوه الناصر معه فتقبل بيعتهم على شروط شرطها كان منها هدم الحصون والأبراج القريبة من ثغور المسلمين ثم بعث قومس الفرنجة برسل ومنيرة أثناء سير ملك برشلونة وطركونة وغيرها يسألان تجديد العهد واقرارهما على ما كانا عليه وبعثا بهدية وهي عشرون صبيا من الخصيان الصقالبة وعشرون قنطارا من الصوف السمور وخمسة قناطير من الفرصدس وعشرة أذراع صقلبية ومائتا سيف إفرنجية فقبل هديتهم وعقد لهم على أن يهدما الحصون التي بقرب الثغور وعلى أن لا يظاهروا عليه أهل ملتهم وان ينذروه بما يكون من النصارى في الاجلاب على المسلمين ثم وصلت رسل غرسية بن سانجة ملك البشكنس في جماعة من الأساقفة والقواميس يسألون الصلح بعد أن كان توقف فعقد لهم الحكم ورجعوا
(١٤٥)