والاستقبال لا يصح إلا مجازا على كلا القولين، وإجراؤه على ما تلبس به آنا ما بنحو الحقيقة على كليهما أيضا، إلا أن زمان فردية كل فرد مساو لزمان التلبس والاتصاف على الأخصي، وأوسع منه ومما بعده على الأعمى، فالمراد بالأعمية، أوسعية زمان الفردية من زمن الاتصاف.
الأمر الرابع: لا ربط بين أنحاء التلبس والمبادي قال في الكفاية - في المقدمة الأولى من المقدمات التي مهدها - ما حاصله: (إن النزاع لا يختص ببعض المشتقات، غاية الأمر اختلاف أنحاء التلبسات حسب تفاوت مبادئ المشتقات بحسب الفعلية و الشأنية والصناعة والملكة، وذلك لا يوجب تفاوتا في المهم من محل النزاع) انتهى.
أقول: يمكن ان يقال: إن اختلاف أنحاء التلبسات أمر، واختلاف المبادي أمر آخر، وليس الأول ناشئا من الثاني، كما هو ظاهر كلامه.
أما المبادي فعلى أقسام - كما أشار إليها - ففي بعضها أخذت الفعلية كغالب أسماء الفاعلين والمفعولين مثل (ضارب) و (قائم) و (مضروب) وأمثالها، وفي بعضها أخذت الشأنية كما تقول: شجرة مثمرة، ودواء مسهل، وفي بعضها أخذت الملكة كالشاعر والمجتهد.
وفي بعضها أخذت جهة الحرفة والصناعة كالبقال والتاجر، وفي بعضها أخذت الكثرة. [1] وأما أنحاء التلبسات فهي أيضا مختلفة، فإن الضرب مثلا يتلبس بالفاعل من حيث صدوره عنه، وبالمفعول من حيث وقوعه عليه، و بالزمان والمكان من حيث وقوعه فيهما، وباسم الآلة من حيث كونها واسطة للصدور [2] وبالجملة اختلاف المبادي أمر، واختلاف أنحاء التلبسات أمر [1] أقول: - لم يمثل لها سيدنا الأستاذ العلامة (مد ظله العالي)، و يمكن أن يمثل لها بصيغ المبالغة، فإن مباديها لو كانت مبادئ أسماء الفاعلين من غير دخالة للكثرة فيها لزم صدق (ضراب) - على كلا القولين - على من انقضت عنه كثرة الضرب، ولكن يضرب قليلا، إذا المبدأ بعد باق، مع أن الأخصي لا يلتزم بذلك اللهم إلا أن يقال: إن الكثرة مفاد الهيئة كما لا يخفى. ح - ع - م [2] في جعل مبدأ اسم الفاعل ومبدأ اسم الآلة أمرا واحدا (كالضرب) مثلا لعله مسامحة، إذ لو كان مبدؤه مبدأ اسم الفاعل لزم أن لا يصدق اسم الآلة على ما أعد لايجاد المبدأ قبل إيجاده بها، أو بعد انقضائه، فلا يقال:
(مسواك) مثلا لما أعد للاستياك إلا زمن الاستياك به، وهو بعيد جدا.
نعم يمكن أن يقال: إن مبدأه عين مبدأ اسم الفاعل، ولكن بتقريب آخر بأن يقال: إن تلبس المبدأ باسم الآلة من حيث شأنيته لوقوع المبدأ بسببه والشأنية وصف فعلى لها. ح - ع - م