العنوان، وانطبق هذا العنوان عليها [1] وإلا للزم أن يصدق كل عنوان على كل شي، أو يصدق على بعض دون بعض من غير جهة فارقة، فيكون ترجحا بلا مرجح، وكلاهما باطلان بالضرورة. وكما لا تنتزع المفاهيم عن المصاديق الفاقدة للحيثية وجهة الصدق في جميع الأزمنة لا تنتزع أيضا عما كانت فاقدة لها في بعض الأزمنة إلا إذا انتزعت عنها باعتبار زمان وجود الحيثية، ففي زمن مفقوديتها لا تنتزع عنها ولا تصدق عليها، لكونها في هذا الحال مساوية لما فقدت الحيثية في جميع الأزمنة.
فان قلت: هذا أول الكلام، إذ الأعمى في هذه المسألة قائل: بأن صرف وجود الحيثية آنا ما كاف في صدق المفهوم على المصداق من زمن وجود الحيثية إلى الأبد وإن زال تلبسه ولم يتلبس في زمن الصدق.
قلت: كلام الأعمى يحتمل أمرين:
الأول: أن يكون مراده من ذلك ما هو ظاهر كلامه، أعني كفاية وجود الحيثية آنا ما في صدق المفهوم على المصداق دائما.
الثاني: أن يكون مراده أن مبدأ المشتق إذا وجد في موضوع يصير سببا لتحقق حيثية انتزاعية واعتبارية في هذا الموضوع، باقية في جميع الأزمنة وإن زال نفس المبدأ.
وباعتبار هذه الحيثية الانتزاعية يصدق المفهوم على المصداق، لا باعتبار وجود نفس المبدأ، فليس (القائم) في (زيد قائم) مثلا حاكيا لثبوت القيام لزيد، بل لوجود حيثية اعتبارية له ثابتة له من زمن تلبسه بالقيام إلى الأبد. وتلبسه بالقيام علة لحدوث تلك الحيثية الاعتبارية من دون أن تكون في بقائها محتاجة إليه، مثلا كلمة (قائم) في هذا المثال ليس معناها ثبوت القيام لزيد، بل كون زيد متصفا بأنه ثبت له القيام في زمان، وهذا المعنى الانتزاعي لا ينفك من زيد أبدا، وإن انفك منه القيام. وعلى هذا فالبحث لغوي راجع إلى بيان معنى المشتق بحسب اللغة.
والنزاع على الاحتمال الأول كبروي، إذا الأخصي يوجب وجود ملاك الصدق وحيثيته في زمان الانطباق، والأعمي قائل بكفاية وجوده آنا ما في الانطباق دائما.
وأما على الاحتمال الثاني فصغروي، إذ كلاهما قائلان على هذا بلزوم وجود حيثية الصدق [1] وقد حقق في محله أن الحمل في قولنا (كل جسم أبيض) حمل شائع مجازي، والحمل الشائع الحقيقي إنما هو في مثل قولنا (البياض أبيض) أعني فيما إذا كان المحمول ذاتيا للموضوع وكانت الآثار المترقبة من المحمول مترتبة على الموضوع. ح - ع - م