أن معنى الارتباط ليس اشتراط كل واحد من الاجزاء بالاجزاء الاخر، و أخذها قيدا له، بل معناه - كما عرفت - وقوع الاجزاء المتباينة المتكثرة بحسب الذات تحت أمر واحد فالاجزاء بالأسر تعلق بها أمر واحد، ولا محالة يتكثر الامر ويتبعض بتكثر المتعلق تكثرا اعتباريا، نحو تكثر العرض وتبعضه بتبع المعروض، فكل واحد من الاجزاء مأمور به بالامر الانبساطي، والعلم به يوجب تنجزه ولزوم الفراغ من قبله، وذلك يحصل بإتيانه قهرا.
وبالجملة: فكما يتبعض الامر في مقام التعلق يتبعض في مقام التنجز و الامتثال أيضا، فإذا أتى المكلف بما تنجز عليه حصل له الامن من العقاب.
ومما ذكرنا ظهر أن الامر المتعلق بالاجزاء ليس أمرا غيريا، بل هو عين الامر النفسي الوحداني المتعلق بالمركب، سواء كان متعلقا بحسب متن الواقع بالأقل أو الأكثر.
ويظهر من الشيخ (قدس سره) تردد الامر بالأقل بين كونه نفسيا أو غيريا، ومع ذلك التزم بالبراءة، من جهة انحلال العلم الاجمالي إلى العلم التفصيلي بوجوب الأقل والشك في وجوب الزائد.
ويرد عليه - مضافا إلى ما أشرنا إليه ونحققه في مبحث مقدمة الواجب من عدم كون الامر بالاجزاء غيريا - أن الامر النفسي بالأكثر على تقريره (قدس سره) غير منجز فلا يمكن أن يكون الامر المترشح منه على الأقل أيضا منجزا، بداهة أن الامر الغيري المقدمي تابع محض لما ترشح منه، وعلى هذا فيلزم عدم كون الأقل منجزا بنحو الاطلاق، ولازم ذلك عدم الانحلال واما على ما ذكرنا فالامر بالأقل أمر نفسي مطلقا، والعلم به يوجب تنجزه كذلك، فيترتب على تركه العقاب ولو كان الواجب هو الأكثر كما مر بيانه.
ب: على القول بتعلق الامر بالبسيط:
هذا كله بناء على تعلق الامر بنفس المركب، وأما بناء على تعلقه بعنوان بسيط ففيه تفصيل، إذ هذا الامر البسيط تارة يكون شيئا متحصلا ومسببا من هذا المركب من الاجزاء بحيث يكون وجوده غير وجود الاجزاء خارجا، فحينئذ يتعين القول بالاحتياط، إذ المأمور به عنوان مبين علم الاشتغال به، ولازم ذلك وجوب تحصيل الفراغ اليقيني. وأخرى يكون هذا الامر البسيط عنوانا منتزعا عن نفس هذه الاجزاء ومنطبقا عليها، فيكون وجوده عين وجودها لا مسببا منها، فيمكن أن يقال حينئذ بالبراءة أيضا، فان المطلوب حقيقة إنما هو وجود هذا الامر البسيط