تصحح الادعاء، ذاتا، ولكن المقام غير مناسب لاظهار هذا الادعاء، مثلا: إن كان جليسك رجلا شجاعا بالغا فيها حدا يصحح ادعاء كونه من أفراد الأسد، حسن هذا الادعاء واستعمال لفظ الأسد فيه إذا كان المقام مقام إظهار شجاعته، كأن يكون المقصود مثلا تحريكه إلى الجهاد فيقال له:
(يا أسد الهيجاء فرق الأعداء). ولا يحسن هذا الادعاء والاستعمال في مقام دعوته إلى الاكل مثلا، بأن يقال له: (يا أسد تفضل بأكل الطعام). وبالجملة فإذا لم يكن المقام مقام إظهار شجاعته كان ادعاء كونه أسدا، وإطلاق الأسد عليه قبيحا بنظر العقلا.
والحاصل: أن الاخبار في قولنا: (رأيت رجلا يرمي) يحتاج إلى محسن واحد، وهو كون المقام مقام الاخبار بوقوع الرؤية على الرجل. و أما الاخبار في قولنا (رأيت أسدا يرمي) فيحتاج إلى إحراز أمور ثلاثة:
الأول: كون المقام مقام الاخبار بتعلق الرؤية به.
الثاني: حسن ادعاء كونه أسدا بأن يكون بالغا أعلى درجات الشجاعة أو الجبن.
الثالث: كون المقام مقام إظهار شجاعته أو جنبه.
إذا عرفت ما ذكرناه فنقول: إن جعل عدم الاطراد علامة للمجاز ليس بلحاظ نوع العلاقة، بل بلحاظ الصنف منها، أعني الموارد التي يوجد فيها بين الموضوع له والمراد الجدي كمال المناسبة، بحيث تكون العلاقة من أظهر خواص الموضوع له. وقولكم: (فالمجاز أيضا على هذا مطرد) واضح الفساد، بعد ما ذكرناه من أن صرف تحقق صنف العلاقة ومصحح الادعاء لا يكفي في الاستعمال، ما لم يكن المقام مقام إظهار هذا الادعاء.
والحاصل: انه بعد ما كان المقام مقام الاخبار بوقوع الرؤية على الرجل في المثال المذكور يكون إطلاق الرجل عليه حسنا بنحو الاطلاق، وأما استعمال الأسد فيه فيتوقف - مضافا إلى تحقق صنف العلاقة ومصحح الادعاء، على كون المقام مقام إظهار شجاعته، و ذلك يختلف بحسب الموارد، فجعل عدم اطراد الاستعمال من علائم المجاز صحيح بلا إشكال.