متابعة والمراد من عدم الاشكال، عدم ثبوت الاشكال عند جميع العقلا، فإنهم يحكمون بان القاطع يجب عليه متابعة قطعه ولا يكون معذورا في مخالفته، فيكون القطع حجة عندهم بمعنى كونه سببا لتنجز الواقع. وقد عرفت ان مراد الأصوليين بالحجة ذلك، لا ما يجعل حد الأوسط فكلما أطلقوا (الحجة) سواء حملوها على القطع أو على ساير الامارات، لا يريدون بها الا ما ذكرنا.
وما ذكره (قده) من جعل الامارات أوساطا دون القطع ففيه: انها تجعل حدودا وسطى للحكم الظاهري دون الواقعي فالحرمة في قولنا هذا مظنون الخمرية وكل مظنون الخمرية حرام هي الحرمة الظاهرية الثابتة بدليل العمل بالظن وإطلاق الأصوليين لفظ الحجة عليها ليس من هذه الجهة بل من جهة كونها سببا لتنجيز الحكم الواقعي، بحيث يعاقب العبد على الواقع. على فرض مصادفتها للواقع وهذا المعنى بعينه موجود في القطع.
وبالجملة: فالامارات وان كانت تجعل أوساطا للاحكام الظاهرية و لكن نظر الأصولي في إطلاق الحجة عليها ليس بالنسبة إلى هذه الأحكام بل بالنسبة إلى الأحكام الواقعية التي يدور مدارها الثواب و العقاب وهي تشترك مع القطع في تنجيزها، فإطلاق الحجة عليها و على القطع بمعنى واحد. فافهم.
وليعلم، ان ظاهر عبارة الشيخ (قده) كما عرفت، انه لا إشكال عند القاطع بوجوب الصلاة مثلا في وجوب الصلاة عليه. ومعنى عدم الاشكال كما عرفت، ثبوت القطع له، فصار محصل المعنى، ان القاطع بوجوب الصلاة قاطع بوجوبها.
ثم استدل على ذلك بقوله: (لأنه بنفسه طريق إلى الواقع وليست طريقيته قابلة لجعل الشارع) انتهى.
ويرد على ذلك أيضا، ان الدليل عين المدعى إذ الطريقية ليست الا كشف الواقع وهو عين القطع كما لا يخفى.
فمحصل الاشكال عليه أمران:
الأول: وحدة الموضوع والمحمول في المدعى.
الثاني: وحدة المدعى والدليل.
وهذان الاشكالان، لا يردان على عبارة الكفاية حيث قال ما هذا لفظه:
(لا شبهة في وجوب العمل على وفق القطع عقلا ولزوم الحركة على طبقه جزما وكونه موجبا لتنجز التكليف الفعلي