فنقول: قال (قده) ما حاصله: (ان البالغ الذي وضع عليه القلم إذا التفت إلى حكم فعلى واقعي أو ظاهري، فاما ان يحصل له القطع أو لا، فان حصل له القطع عمل به والا فلا بد من انتهائه إلى الوظائف المقررة له عقلا).
ثم قال ما حاصله:
وانما عممنا متعلق القطع لعدم اختصاص أحكامه بما إذا كان متعلقا بالأحكام الواقعية ولذلك عدلنا عن ما في الرسائل من تثليث الاقسام وان أبيت الا عن التثليث فالأولى ان يقال:
ان المكلف اما ان يحصل له القطع أو لا، وعلى الثاني اما ان يقوم عنده طريق معتبر أولا، ووجه الأولوية ان التقسيم انما هو لاختلاف الاقسام في الاحكام وعلى تقسيم الشيخ (قده) يلزم تداخل الاقسام في الاحكام إذ رب ظن ليس في مورده أمارة معتبرة فيلحق بالشك و رب شك في مورده أمارة معتبرة فلا يرجع فيه إلى الأصول، انتهى.
واستشكل عليه بعض بان التقسيم إلى القطع والظن والشك انما هو من جهة النظر إلى حالات المكلف مضافا إلى افتراق الظن عن الشك بان الظن قابل لان يجعل طريقا منجزا للواقع، لاشتماله على كشف ناقص دون الشك إذ لا معنى لصيرورته كاشفا وموجبا لتنجيز الواقع.
أقول: ما ذكره هذا البعض غير صحيح إذ الشك أيضا قد يكون منجزا كما عرفت، هذا مضافا إلى أن اعتبار الطرق المجعولة ليس باعتبار إيجابها للظن فالظن، بما هو ظن مثل الشك في عدم الاعتبار. و ما هو المعتبر هو الامارات الموجودة في موردها وهي بعينها حجة في مورد الشك أيضا. وبالجملة: فما ذكره في الكفاية من أن الاعتبار بوجود الامارة المعتبرة لا وصف الظن والشك في محله.
واما ما ذكره في الكفاية من تعميم متعلق القطع ومن جعل التقسيم ثنائيا فيتوقف وضوح صحته أو سقمه على بيان مقدمة وهي:
انهم ذكروا انه لا إشكال في وجوب متابعة القطع، ومرادهم بهذا الكلام ليس ثبوت الوجوب الشرعي لمتابعة القطع بما هو قطع وليس المراد أيضا ان من قطع بوجوب الصلاة مثلا فهو غافل عن قطعه وانما يرى نفس وجوب الصلاة، فان هذا المعنى يكون توضيحا للواضح إذ يرجع إلى أن القاطع بالوجوب مثلا قاطع بالوجوب، بل المراد من وجوب متابعة القطع، حكم العقل بكون القطع منجزا للواقع على فرض اصابته وعدم كون العبد معذورا في مخالفته بل يكون بها خارجا عن زي الرقية ورسم العبودية.