الفصل الأول:
تعريف العموم والخصوص قال في الكفاية ما حاصله: إن العام قد عرف بتعاريف، وقد وقع فيها النقض تارة بعدم الاطراد وأخرى بعدم الانعكاس، ولكنه غير وارد، فإنها تعاريف لفظية لشرح الاسم، لا لشرح الحقيقة، كيف و المعنى المركوز منه في الأذهان أوضح مما عرفوه به مفهوما و مصداقا، ولذا يجعل صدق ذاك المعنى على فرد وعدم صدقه على فرد آخر مقياسا في الاشكال على التعاريف.
ثم عرف (قده) في ضمن كلامه، العموم بأنه شمول المفهوم لجميع ما يصلح أن ينطبق عليه (انتهى).
أقول: قد ذكر في محله أن كل ما صدق عليه المعرف (بالكسر) يجب أن يصدق عليه المعرف (بالفتح) وبالعكس.
فهنا قضيتان موجبتان كليتان، وحيث إن ما اعتبروه أولا هو القضية الأولى، وكان مفادها منع الاغيار، سموا مفادها بالاطراد، من الطرد بمعنى المنع، ثم سموا مفاد عكسها - أعني القضية الثانية - بالانعكاس، ولكنهما معتبران في التعاريف الحقيقية، كما لا يخفى.
ثم إنه يرد على ما ذكره تعريفا للعموم - أولا - أن العموم وكذا الخصوص ليسا من صفات المفهوم والمعنى، بل من صفات اللفظ، و لكن باعتبار المعنى ولحاظه.
وثانيا: أن هذا التعريف لا يشمل العمومات التي هي بصيغ الجمع، أو ما في معناه، فإن لفظ العلماء مثلا يشمل زيدا وعمرا وبكرا إلى آخر الافراد، ولكنه لا يصلح لان ينطبق على كل واحد منها كما لا يخفى، فالأجود أن يقال: إنه عبارة عن كون اللفظ بحيث يشمل مفهومه لجميع ما يصلح أن ينطبق عليه مفهوم الواحد، فلفظة العلماء تتصف بالعموم من جهة كونها بحيث يشمل مفهومها لجميع ما يصلح أن ينطبق عليه مفهوم واحدها أعني العالم، فتدبر.