الطبيعة المقيدة بالوقت، وحينئذ فلا معنى لاقتضائه إتيان الفعل بعد مضي وقته.
وبعبارة أخرى: الامر لا يدعو إلا إلى متعلقه، سواء كان طبيعة مطلقه أو مقيدة بقيد خاص، ومن القيود أيضا قيد الوقت، فكما أنه إذا امر المولى عبده بإتيان طبيعة مقيدة بغير الوقت من القيود فعصاه العبد لا يمكن أن يقال باقتضاء هذا الامر لاتيان الطبيعة المطلقة بدون القيد، فكذلك الامر في الموقتات لما عرفت من عدم الفرق بين قيد الوقت وبين سائر القيود التي تؤخذ في متعلق الأمر، من جهة دخالتها في غرض المولى.
وبعبارة ثالثة: تشخص الامر وتحصله إنما يكون بتحصل متعلقه، و امتياز الأوامر ليس إلا بامتياز متعلقاتها، وما هو المتعلق في الموقتات عبارة عن الطبيعة المقيدة بصدورها في الوقت المعين فبعد انقضاء الوقت لا يعقل ثبوت الطلب الأول إذ ما ادعي بقائه بعد الوقت إن كان عبارة عن الطلب المتعلق بالطبيعة المطلقة.
ففيه: أن الطلب لم يكن متعلقا ب آصال الطبيعة حتى يبقى بعد الوقت، وإن كان عبارة عن الطلب المتعلق بالطبيعة المقيدة بالوقت. ففيه:
أن بقائه مستلزم للتكليف بما لا يطاق، إذ الطبيعة بقيد كونها في الوقت المعين لا يمكن إيجادها في غير هذا الوقت.
فإن قلت: هذا إذا كان التقييد بالوقت بدليل متصل، وأما إذا كان بدليل منفصل بأن كان هنا أمران تعلق أحدهما بأصل الطبيعة والاخر بإيجادها في الوقت المعين بنحو تعدد المطلوب، فحينئذ يقتضي الأمر الأول إتيان الطبيعة بعد الوقت أيضا.
قلت: إن كان المدعى حينئذ بقاء الأمر الأول كما ذكرت، ففيه: إنه خارج من محل النزاع، إذ النزاع فيما نحن فيه إنما هو في ما لو عصي الواجب الموقت في وقته، والامر الأول - بناء على تعدد المطلوب، و كونه أمرا مستقلا في قبال الأمر الثاني - لا وقت له حتى يعصى بانقضاء وقته، وإن كان المدعى بقاء الأمر الثاني، ففيه: ما عرفت آنفا من كونه مستلزما للتكليف بما لا يطاق، إذ الزمان الماضي تستحيل إعادته. هذا وشيخنا الأستاذ صاحب الكفاية بعد تسليمه ما ذكرناه من عدم الاقتضاء استثنى في آخر كلامه قسما من الموقتات، فاختار الاقتضاء في هذا القسم وهو عبارة عما إذا كان التوقيت بدليل منفصل، ولم يكن له إطلاق في التقييد بالوقت وكان الدليل الواجب إطلاق. قال (قده) ما حاصله: إنه يؤخذ حينئذ بإطلاق دليل الواجب، ويحمل دليل التوقيت على كونه بنحو تعدد المطلوب (انتهى).
وفيما ذكره نظر، فإنه (قده) قد جعل هذا القسم أيضا من الموقتات، و التوقيت عبارة عن تقييد