الموسع والمضيق قد قسموا الواجب أيضا إلى المطلق والموقت.
فالمطلق عبارة عن الواجب الذي لم يؤخذ فيه الزمان قيدا، وهذا كقول المولى لعبده: (أعط درهما) فإن الامر قد تعلق بنفس الاعطاء من غير أن يقيد بصدوره في زمان خاص من جهة عدم دخالته في الغرض الباعث على الامر، وهذا لا ينافي احتياج الفعل إلى الزمان، لوضوح الفرق بين ملازمة الفعل للزمان وجودا وبين أخذه فيه قيدا من جهة دخالته في الغرض الموجب للامر به، فظرف الزمان في الواجب المطلق كسائر الخصوصيات الفردية الملازمة للطبيعة المأمور بها وجودا من غير أن يكون لها دخل فيه، وأما الموقت فهو عبارة عن الواجب الذي أخذ فيه الزمان قيدا من جهة دخالته في الغرض.
ثم إن الموقت أيضا على قسمين: فإن الزمان المأخوذ قيدا إما أن يكون بقدر ما يحتاج إليه الفعل عقلا من غير زيادة ونقصان، بحيث يكون الزمان كاللباس المخيط على قدر قامة الفعل، وإما أن يكون أوسع مما يحتاج إليه عقلا، فالأول يسمى بالمضيق كقوله: (صم من الفجر إلى المغرب)، والثاني يسمى بالموسع كقوله تعالى: (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل). ثم إنك قد عرفت في مبحث الضد: أن التخيير بين الافراد التدريجية في الواجب الموسع ليس تخييرا شرعيا بل هو تخيير عقلي، فقوله مثلا، (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل) ليس مساوقا لان يقول: (صل في الان الأول أو في الان الثاني أو في الان الثالث إلى آخر آنات الزمان) حتى يكون ذكر الزمان الوسيع بمنزلة التخيير الشرعي بين الافراد التدريجية التي يمكن وقوعها فيه، وإن كان قد يتوهم ذلك، بل معنى قوله: (أقم الصلاة) (الآية) أنه يجب عليك إيجاد طبيعة الصلاة