الصدور ليس على ما ينبغي.
وثانيا: سلمنا وجوب التأويل في مقطوعي الصدور، ولكن قياس مظنوني الصدور على مقطوعي الصدور ليس في محله، لان أدلة التعبد بالسند لا يمكن أن تعم المتعارضين، فان معنى التعبد بالسند هو البناء على صدور الكلام بما له من الظهور في مؤداه، والمفروض: أنه لا يمكن البناء على صدور كل من المتعارضين بما لهما من الظهور، وأين هذا من مقطوعي الصدور اللذين لا تنالهما يد التعبد؟.
والحاصل: أن الكلام في إمكان التعبد بسند المتعارضين مع عدم العلم بصدورهما، واستحالة ذلك بمثابة لا يكاد تخفى، فإذا لم يمكن التعبد بهما معا فلا يعمهما أدلة الاعتبار، ولا محيص حينئذ من سقوط كل منهما وعدم وجوب العمل بأحدهما. ولا سبيل إلى توهم وجوب الجمع بينهما ولو بحمل أحدهما أو كلاهما على خلاف الظاهر، فان ذلك تصرف في الروايتين بلا برهان، بل تأويل أحدهما وحمله على خلاف ظاهره ينافي التعبد بالسند، لما عرفت: من أن حقيقة التعبد بالسند هو البناء على صدور الكلام بما له من الظاهر، فحمله على خلاف الظاهر ينافي أدلة التعبد بالصدور.
فظهر: أن قولهم: " الجمع بين الدليلين أولى من الطرح " إن أريد به ما يعم التأويل والحمل على خلاف الظاهر، فهو كلام شعري لا محصل له ولا يساعد عليه الدليل والاعتبار! فالأقوى: أن القاعدة في المتعارضين تقتضي سقوطهما معا، سواء قلنا: إن التعارض يكون بين الظهورين أو قلنا: إنه يكون بين السندين أو قلنا: إنه يكون بين سند كل منهما وظهور الآخر، فإنه على جميع التقادير أدلة اعتبار السند والظهور لا تعم المتعارضين، لأنه لا يترتب على التعبد بصدور المتعارضين أثر سوى البناء على إجمالهما وعدم إرادة الظاهر في كل منهما، ولا معنى للتعبد بصدور كلام تكون نتيجة التعبد إجمال الكلام.
نعم: يمكن التعبد بصدور كلام مجمل يقتضي إجمال كلام آخر، كما لو ورد