الدعاء عند رؤية الهلال يتوافقان.
نعم: إذا كان التعارض بينهما لأمر خارج من دون أن يكونا في حد أنفسهما متعارضين، فلا يتوافقان في نفي الثالث أيضا، كما إذا كان مفاد أحد الدليلين وجوب صلاة الظهر وكان مفاد الآخر وجوب صلاة الجمعة وثبت من الخارج عدم وجوب الصلاتين معا، فان الدليلين في حد أنفسهما لا يكونان متعارضين، لامكان تشريع وجوب كل من الصلاتين واقعا، وإنما وقع التعارض بينهما لقيام الدليل من الخارج على عدم وجوب الصلاتين معا، فالدليلان لا يشتركان في وجوب أحدهما في الجملة وعدم وجوب ما عداهما، بل مفاد أحدهما وجوب خصوص فريضة الظهر ومفاد الآخر وجوب خصوص فريضة الجمعة، وليس لكل منهما دلالة التزامية على عدم وجوب ما عدا المؤدى، فلا مانع من سقوط كل منهما في إثبات المؤدى بالمعارضة والرجوع إلى البراءة عن وجوب فريضة.
نعم: لو كان مفاد الدليلين وجوب فريضة في اليوم واختلفا في تعيينها، فلا يجوز الرجوع إلى البراءة، لاشتراكهما في وجوب فريضة في الجملة، فيلزم من الرجوع إلى البراءة طرح ما توافقا عليه. ولكن ليس مفاد الدليلين ذلك، بل مفاد أحدهما وجوب خصوص صلاة الظهر ومفاد الآخر وجوب خصوص صلاة الجمعة، فلم يتوافقا في وجوب فريصة. ولا عبرة بتحليل مفاد كل منهما إلى الجنس والفصل واشتراكهما في الجنس، فان التحليل العقلي لا أثر له في باب الظهورات وما يستفاد من الألفاظ.
فتحصل: أن الدليلين إن كانا متعارضين في المؤدى بأنفسهما، فهما يشتركان في نفي الثالث الخارج عن المؤديين، أي يشتركان في نفي الأصل الجاري في المسألة لولا وجود المتعارضين. وإن كانا متعارضين لأمر خارج، فلا يشتركان في نفي الثالث، ويجوز الرجوع إلى الأصل الجاري في المسألة: من البراءة والاحتياط. وعلى كلا التقديرين: يتساقطان في المؤدى.