والسر في ذلك: هو أن تنجز التكاليف إنما يكون بوصولها إلى المكلفين، لأنها بوجوداتها الواقعية قاصرة عن أن تصير داعيا لحركة العضلات، فان الشئ بوجوده الواقعي غير قابل لتحريك الإرادة وانقداحها في النفس، بل المحرك للإرادة هو الوجود العلمي، من غير فرق في ذلك بين الأمور التكوينية والتشريعية، فالتكاليف الشرعية ما لم تصل إلى المكلف لا تصلح للداعوية، فكل ما أوجب وصول التكاليف تكوينا أو تشريعا يكون شرطا لتنجيزها، لان التنجيز إنما يكون بالوصول، والموجب للوصول ليس هو إلا العلم أو ما يقوم مقامه، وأما سائر الانقسامات المتأخرة عن الخطاب الحادثة بحدوثه فليس شئ منها توجب الوصول (1) ومنها إمكان الابتلاء وعدمه على فرض تسليم كونه من الانقسامات المتأخرة (2).
والحاصل: أن مجرد كون الابتلاء من القيود المترتبة على الخطاب لا يقتضي أن يقع في عداد شرائط التنجيز، وإلا كان كل قيد مترتب على الخطاب شرطا للتنجيز، وهو كما ترى مما لا يمكن الالتزام به! لما عرفت من أنه يعتبر في شرط