إيجاده، كما لو فرض أن المكلف بحسب طبعه لا يميل إلى شرب الخمر ولا تنقدح في نفسه إرادته ولو لم يتعلق به النهي، كما يشاهد ذلك في بعض المنهيات الشرعية بالنسبة إلى بعض الأشخاص، فان صاحب المروة يأبى عن كشف العورة بمنظر من الناس ولو لم يكن منهيا عنه، فترك مثل هذا الفعل حاصل بنفسه عادة من صاحب المروة، فيلزم استهجان التكليف بستر العورة ولغوية النهي عن كشفها، وذلك مما لا يمكن الالتزام به، فإنه يلزم قصر النواهي الشرعية بمن تنقدح في نفسه إرادة الفعل ويحصل له الداعي إلى إيجاد المنهي عنه، يل يلزم قصر الأوامر الشرعية أيضا بمن لم يكن مريدا للفعل بنفسه وخروج من كان يحصل له الداعي إلى إيجاد متعلق الامر من عند نفسه ولو لم يتعلق به الامر، لاستهجان التكليف بفعل ما يوجده المكلف من عند نفسه، وهو كما ترى واضح البطلان.
قلت: فرق بين عدم القدرة عادة على الفعل وبين عدم إرادة الفعل عادة (1) فان القدرة من شرائط حسن الخطاب، ولابد من أخذها قيدا في التكليف لقبح التكليف مع عدم القدرة العقلية واستهجانه مع عدم القدرة العادية، بالبيان المتقدم.
وأما إرادة الفعل فليس لها دخل في حسن الخطاب ولا يعقل أخذها قيدا في التكليف وجودا وعدما، لان التكليف إنما هو لبعث الإرادة، فلا يمكن أن يكون التكليف مقيدا بحال وجود الإرادة ولا بحال عدمها لا بالتقييد اللحاظي ولا بنتيجة التقييد، وهذا بخلاف القدرة، فإنها بكلا قسميها من العقلية والعادية من الانقسامات السابقة على التكليف التي لابد من اعتبارها في متعلق