فان قلت: العلم الاجمالي إنما يقتضي وجوب ترتيب الاحكام على كل واحد من الأطراف إذا كان المعلوم بالاجمال تمام الموضوع لها، وأما إذا كان المعلوم بالاجمال جزء الموضوع لحكم فما لم يثبت الجزء الآخر لا يجب ترتيب ذلك الحكم، كما هو واضح، ففي المثال الخمر المعلوم في أحد الانائين لا يكون تمام الموضوع لفساد البيع، بل إنما هو جزء الموضوع، وجزئه الآخر وقوع البيع خارجا، إذ الصحة والفساد من الأوصاف والاحكام اللاحقة للبيع بعد فرض صدوره في الخارج، فلا وجه للحكم بفساد بيع أحد الانائين، للشك في وقوعه على الخمر، فتجري فيه أصالة الصحة ولا يعارضها أصالة الصحة في بيع الآخر، لأن المفروض عدم وقوع البيع على الطرف الآخر، فلا موضوع لأصالة الصحة فيه حتى تعارض أصالة الصحة في البيع الواقع على أحد الطرفين فقط.
قلت: لا وقع لهذا الاشكال، فان الخمر المعلوم بالاجمال تمام الموضوع لعدم السلطنة على بيعه، وعدم السلطنة على البيع يلازم فساده بل هو عينه، لأنه ليس المجعول الشرعي إلا حكما واحدا (1) غايته أنه قبل البيع يعبر عنه بعدم السلطنة وبعد البيع يعبر عنه بالفساد، فعدم السلطنة على البيع عبارة أخرى عن فساده، كما أن السلطنة على البيع عبارة أخرى عن صحته (2) فأصالة الصحة في بيع