بل الحروف شيئا مستقلا في مقابل الكل. وأما في مرتبة التأليف والتركب:
لا يكون الجزء شيئا مستقلا في مقابل الكل، بل شيئية الجزء تندك في شيئية الكل، كما تقدم. فدخول الاجزاء في عموم " الشئ " في عرض دخول الكل لا يمكن إلا بعناية التعبد والتنزيل. وحينئذ لابد من الاقتصار على مورد التنزيل، والمقدار الذي قام الدليل فيه على التنزيل هو الاجزاء المستقلة بالتبويب، فان عمدة ما ورد في عدم الاعتناء عند الشك في أجزاء الصلاة هو صحيحة " زرارة " ورواية " إسماعيل بن جابر " والمذكور فيهما هو الاجزاء المستقلة بالتبويب، ففي صحيحة زرارة، قال: " قلت لأبي عبد الله - عليه السلام - رجل شك في الاذان وقد دخل في الإقامة " إلى أن قال: " قلت:
رجل شك في الركوع وقد سجد؟ قال - عليه السلام - يمضي في صلاته، ثم قال: يا زرارة إذا خرجت من شئ ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشئ " (1).
وفي رواية إسماعيل بن جابر، قال: " قال أبو جعفر: إن شك في الركوع بعدما سجد فليمض، وإن شك في السجود بعدما قام فليمض، كل شئ شك فيه مما قد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه " (2).
وبعدما كان الظاهر من صدر الروايتين هو الاجزاء المستقلة - كالتكبيرة والقراءة والركوع والسجود فلا سبيل إلى دعوى عموم " الشئ " المذكور في الذيل للمقدمات وأجزاء الاجزاء، فان الصدر يقتضي تضييق دائرة مصب عموم " الشئ " وإطلاق " الغير " المذكور في الذيل، فلا يعم أول السورة وآخرها أو أول الآية وأخرها، وإلا كان ينبغي تعميمه لأول الكلمة وآخرها، مع أن الظاهر أنه لا قائل به.