المقتضي، وفي فسقه من الشك في الرافع.
وقد يتوهم أيضا: أن المراد من المقتضي هو المقتضي لوجود الشئ في باب الأسباب والمسببات بحسب الجعل الشرعي تأسيسا أو إمضاء، والمراد من الرافع هو ما يرفع المسبب شرعا، كما يقال: إن الوضوء مقتض للطهارة والبول ورافع لها، والنكاح مقتض للزوجية والطلاق رافع لها، والبيع مقتض للملكية والفسخ رافع لها، فيكون الشك في المقتضي عبارة عن الشك في بقاء اقتضاء السبب للمسبب عند انتفاء بعض الخصوصيات. ويقابله الشك في الرافع، وهو ما إذا شك في بقاء المسبب بعد العلم ببقاء اقتضاء السبب، ولكن يحتمل أن يكون في البين ما يرفع اقتضائه ويدفع تأثيره. مثلا تارة: يشك في بقاء اقتضاء النكاح أو الوضوء عند قول الزوج للزوجة: أنت خلية أو برية أو عند خروج المذي أو الوذي عقيب الطهارة. وأخرى: لا يشك في بقاء اقتضاء النكاح والوضوء عقيب قول الزوجة: أنت خلية أو برية أو عقيب خروج المذي والوذي، بل يقطع ببقاء المقتضى، إلا أنه يحتمل أن يكون ذلك رافعا لتأثير المقتضي لمكان تدافع المقتضيين، فالأول يكون من الشك في المقتضي، والثاني يكون من الشك في الرافع.
هذا، ولكن التأمل في كلام المحقق والشيخ - قدس سرهما - يعطي عدم إرادة ذلك من المقتضي، فان القول بعدم حجية الاستصحاب عند الشك في المقتضي بأحد الوجهين المتقدمين يساوق القول بعدم حجية الاستصحاب مطلقا، فإنه لا طريق إلى إحراز وجود ملاك الحكم أو إحراز بقاء المقتضيات الشرعية في باب الأسباب والمسببات عند انتفاء بعض خصوصيات الموضوع أو طرو بعض ما يشك معه في بقاء الأثر، إذ العلم ببقاء الملاك أو الأثر يستحيل عادة لمن لا يوحى إليه إلا من طريق الأدلة الشرعية، فإنه لا يمكن إثبات كون الوضوء أو النكاح المتعقب بالمذي أو بقول الزوج: " أنت خلية " مقتضيا لبقاء