العقل إنما يكون كاشفا عن دخله في الملاك ثبوتا. ولكن هذا لا يضر بجريان استصحاب الحكم الشرعي المستكشف من حكم العقل عند انتفاء القيد إذا لم يكن القيد من مقومات الموضوع عرفا.
نعم: انتفاء بعض القيود التي اعتبرها العقل في موضوع حكمه يوجب رفع الحكم العقلي، وليس المقصود استصحاب بقاء الحكم العقلي، بل المقصود استصحاب بقاء الحكم الشرعي المستكشف منه، وهو بمكان من الامكان.
وبالجملة: الموضوع في حكم العقل وإن كان مقيدا بالخصوصية المنتفية، إلا أن تقييد الموضوع العقلي بالخصوصية كتقييد الموضوع الشرعي في الكتاب والسنة بها، كقوله: " الماء المتغير نجس " فان وصف التغير الذي اخذ في موضوع الدليل الشرعي كوصف الضرر الذي اخذ في موضوع الحكم العقلي، فكما أن زوال وصف التغير عن الماء لا يضر بصدق بقاء موضوع النجاسة عرفا، لان العرف بمناسبة الحكم والموضوع يرى أن موضوع النجاسة هو الماء ووصف التغير علة لعروض النجاسة على الماء غايته أنه يشك في كونه علة لها حدوثا وبقاء أو حدوثا فقط، وهو الموجب لجريان الاستصحاب - على ما سيأتي بيانه - كذلك عدم ترتب وصف الضرر على الكذب لا يضر بصدق بقاء موضوع الحرمة عرفا، فان موضوع الحرمة بنظر العرف هو نفس الكذب لا بوصف كونه مضرا.
نعم: لو كان المدار في اتحاد القضية المشكوكة للقضية المتيقنة على نظر العقل واعتبرنا في جريان الاستصحاب بقاء الموضوع عقلا، لكان للمنع عن جريان الاستصحاب عند انتفاء بعض القيود مجال، إلا أن ذلك لا يختص بالحكم الشرعي المستكشف من الحكم العقلي، بل يطرد في جميع الأحكام الشرعية ، كما سيأتي توضيحه. فظهر: أنه لا مجال للفرق بين كون الدليل الدال على ثبوت المستصحب هو العقل أو الكتاب والسنة، فتأمل جيدا. وسيأتي لذلك مزيد توضيح.