لا يتعداه، كطهارة ثوبه ونجاسة بدنه وغير ذلك، فالبحث عن حجية الاستصحاب في الموضوعات الخارجية كالبحث عن حجية قاعدة الفراغ والتجاوز يرجع إلى البحث عن قاعدة فقهية.
فظهر: أنه لابد من القول بالتفصيل بين حجية الاستصحاب في الشبهات الحكمية وبين حجيته في الشبهات الموضوعية، فالأول يكون من المسائل الأصولية، والثاني من القواعد الفقهية.
وتوهم: أنه لا يمكن ذلك مع وحدة الدليل الدال على حجية الاستصحاب وهو قوله - عليه السلام - " لا تنقض اليقين بالشك " فان نتيجة الدليل الواحد لا يمكن أن تختلف وتكون تارة مسألة أصولية وأخرى قاعدة فقهية.
فاسد، فان قوله - عليه السلام - " لا تنقض اليقين بالشك " ينحل إلى قضايا متعددة حسب تعدد أفراد اليقين والشك، فلا محذور في اختلاف النتيجة حسب اختلاف مقامات الشك واليقين، وأنه في مقام الشبهة الحكمية تكون النتيجة مسألة أصولية وفي مقام الشبهة الموضوعية تكون النتيجة قاعدة فقهية، ولا يلزم من ذلك استعمال اللفظ في معنيين.
وهذا من غير فرق بين القول باعتبار الاستصحاب من باب التعبد أو من باب إفادته الظن النوعي وبناء العقلاء، فان اليقين السابق والشك اللاحق المفيد للظن في نوعه إن تعلق بالأحكام يكون من المسائل الأصولية وإن تعلق بالموضوعات يكون من القواعد الفقهية.
بل ما ذكرناه من اختلاف النتيجة لا يختص بالاستصحاب، بل يطرد في جميع الامارات والأصول، فالبحث عن حجية الظواهر في باب الأوقاف والأقارير والوصايا يرجع إلى البحث وعن قاعدة فقهية، والبحث عن حجيتها في باب الاحكام يرجع إلى البحث عن مسألة أصولية، وقس على ذلك سائر الطرق والأصول.