فوائد الأصول - الشيخ محمد علي الكاظمي الخراساني - ج ٤ - الصفحة ١٨٣
تعلق الجعل بالمركب ليحكم ببقائه وعدم انتقاضه.
وإن أريد من العدم العدم المحمولي بمفاد ليس التامة، وهو العدم السابق على لحاظ أجزاء المركب وتعلق الجعل به، فهو وإن كان متيقنا قبل ذلك - لان أصل الجعل واللحاظ أمر حادث مسبوق بالعدم - إلا أن بقاء ذلك العدم إلى ظرف تعلق الجعل بالمركب غير مفيد (1) إلا إذا أريد إثبات تعلق الجعل واللحاظ بخصوص أجزاء الأقل، ولا يمكن إثبات ذلك إلا على القول بالأصل المثبت.
هذا كله، مضافا إلى أن مجرد عدم تعلق اللحاظ والجعل بالجزء أو الشرط المشكوك فيه لا أثر له، لان الآثار الشرعية بل العقلية - من الإطاعة والعصيان واستحقاق الثواب والعقاب وغير ذلك من الآثار المترتبة على الأحكام الشرعية - إنما تترتب وجودا وعدما على المجعول، لا على نفس الجعل، فان الحكم الشرعي المتعلق بفعل المكلف إنما هو المجعول، ولا أثر لنفس الجعل بما هو قول إلا باعتبار أنه يستتبع المجعول، بحيث لو فرض محالا انفكاك الجعل عن المجعول وكان هناك جعل بلا أن يستتبع وجود المجعول لم يترتب على ذلك الجعل أثر عقلي أو شرعي، وبالعكس لو فرض محالا وجود المجعول بلا أن يسبقه

(١) أقول: مرجع الجعل بعدما كان إلى تعلق لحاظه بشئ وجعله واجبا أم جزءا، فلا شبهة في أن تعدد المجعول ووحدته تختلف مراتب الجعل، وحينئذ فإذا علم بمرتبة منه وشك في تحقق مرتبة أخرى، فالأصل إذا نفي هذه المرتبة، فهو وإن لم يثبت مرتبة الجعل بخصوص الأقل، إلا أنه يكفي في عدم الالتزام به مجرد عدم وجوبه الباقي من الأزل بضميمة اكتفاء العقل أيضا بوجوب تحصيل ما علم وجوبه وإن لم يعلم بأنه تمام الواجب، وحينئذ فلا قصور في استصحاب عدم الوجوب الذي هو محط كلامه أو عدم جعله، إذ عدم جعل الوجوب مستتبع لعدم الوجوب واقعيا كان أو ظاهريا. فلا ربط للمقام بالأصول المثبتة، لان عدم الوجوب الظاهري من لوازم عدم الجعل الظاهري الذي هو الاستصحاب، لا نفس المستصحب، والمفروض أيضا أن نفس الجعل أمر وضعه ورفعه بيد الشارع، ولا نعني من الأثر الشرعي في باب الاستصحاب إلا هذا.
(١٨٣)
مفاتيح البحث: الأحكام الشرعية (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 ... » »»
الفهرست