ما أوضحناه في محله: من أن القضايا الشرعية إنما تكون على نهج القضايا الحقيقة التي يفرض فيها وجود الموضوعات في ترتب المحمولات عليها، فقبل وجود الموضوع خارجا لا مجال لجريان استصحاب عدم المجعول، لأنه ليس رتبة وجوده، بل الاستصحاب الجاري هو استصحاب عدم الجعل الأزلي، وأما بعد وجود الموضوع وتحقق شرائط التكليف، فالاستصحاب إنما يجري بالنسبة إلى نفس المجعول الشرعي وجودا وعدما، فإنه إذا زال الزوال وشك المكلف في وجوب الصلاة عليه، فالعدم الذي كان قبل الزوال هو عدم المجعول وهو المستصحب، ولا معنى لاستصحاب عدم الجعل، لأنه قبل الزوال ليس رتبة الجعل والانشاء فإنه أزلي رتبته سابقة على خلق العالم.
ومن المعلوم: أن عدم كل شئ إنما يكون في مرتبة وجود الشئ، فقبل وجود الموضوع لا يجري إلا استصحاب عدم الجعل، وبعد وجود الموضوع لا يجري إلا استصحاب عدم المجعول.
وإذا كان المستصحب هو العدم في حال الصغر السابق على البلوغ، وهو الذي يعبر عنه باستصحاب البراءة الأصلية، وذلك إنما يكون في التكاليف التي لم يعتبر في موضوعاتها قيد زائد على الشرائط العامة، كما في أغلب المحرمات وبعض الواجبات.
فيرد عليه (1): أن الثابت في حق الصغير ليس إلا عدم وضع قلم التكليف