فوائد الأصول - الشيخ محمد علي الكاظمي الخراساني - ج ٤ - الصفحة ١٧٨
فالانصاف: أن ما أجاب به الشيخ - قدس سره - عن الاشكال لا يحسم مادته، بل لا محصل له. فالحق في الجواب عن الاشكال هو ما تقدم: من أن الملاكات غير لازمة التحصيل، لأنه ليست من العناوين والمسببات التوليدية.
فان قلت: هب إن الملاكات ليست من المسببات التوليدية لمتعلقات التكاليف، إلا أنه يجب على المكلف سد باب احتمال عدم حصول الملاك من ناحيته، بأن يأتي بالمقدمات الاعدادية على وجه يمكن انطباق الملاك عليها، بحيث لو انضم إليها الأمور الخارجة عن قدرة المكلف واختياره لحصل الملاك، وذلك لا يكون إلا بفعل كل ما يحتمل دخله في الاعداد، بحيث لو لم يحصل الملاك لكان ذلك لأجل عدم انضمام المقدمات الاخر الخارجة عن القدرة والاختيار، نظير الزارع الذي يفعل كل ما يحتمل أن يكون له دخل في حصول السنبل من المقدمات الاعدادية الراجعة إليه، بحيث لو لم يحصل السنبل لكن ذلك لأجل عدم إشراق الشمس أو نزول المطر وغير ذلك من الأسباب السماوية والأرضية.
قلت: وظيفة المكلف هو الاتيان بما تعلق الطلب به وما هو الواصل إليه من قبل المولى، وأما تطبيق العمل على الوجه المحصل للملاك فليس هو من وظيفة المكلف (1) بل ذلك من وظيفة المولى، حيث إنه يجب على المولى الامر بما

(1) أقول: بعدما كانت الإرادة المترشحة إلى الفعل ناشئة عن فعلية الإرادة بسد باب عدم الملاك، فقهرا حفظ وجود الملاك من قبله تكون تحت الإرادة قهرا، والعقل أيضا حاكم بتحصيل مرام المولى، ولو لم يكن بنفسه في حيز خطابه بل كان لازمه، وحينئذ لا مجال لمقايسة المقام بباب ملازمة حكم العقل والشرع المحتمل عدم كون حفظ الملاك - ولو من قبل الفعل المزبور - تحت الإرادة، كما هو نظر من أنكر الملازمة، وحينئذ لا محيص من الجواب إلا بما ذكرنا: من أن الطريق إلى إرادة حفظ الغرض من قبل العقل ليس إلا الخطاب إلى الفعل فبمقدار يعلم إرادته يعلم بإرادة حفظ الغرض من قبله، وهو ليس إلا الأقل، ومن هنا ظهر: أن العمل على الوجه المحصل من قبله تحت الإرادة، لكن هذا المقدار حسب تردد المحصل - كما في الأقل والأكثر - يصير هو أيضا مرددا بين الأقل والأكثر.
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»
الفهرست