وفيه أولا أن هذه علة مستنبطة إذ لا وجود لها في شئ من الأخبار.
وثانيا أنه مع فرض وجودها فإن علل الشرع ليست عللا حقيقية يدور المعلول معها وجودا وعدما بل هي معرفات لبيان وجه الحكمة أو المناسبة أو نحو ذلك.
الثاني اطلاق النص وكلام الأصحاب يقتضي أن لا فرق في هذا الحكم بين صوم الفريضة والنافلة. ثم إنه إن قلنا بأنه مفسد للصوم كما اخترناه فإنه يجوز فعله في صوم النافلة كغيره من المفطرات، وإن قلنا بأنه محرم كما هو أحد الأقوال فقد ذكروا أنه يحتمل التحريم في صوم النافلة كالتكفير في صلاة النافلة ويحتمل الإباحة إما لقصور أخبار التحريم عن إفادة العموم أو لأنه إذا جاز تناول المفطر جاز ما هو مظنة له بطريق أولى.
أقول: لا يخفى ما في تعليل احتمال الإباحة بالوجه الأول من الضعف، لأن الكلام من أوله مبني على أن اطلاق النصوص يقتضي دخول الصوم المندوب.
نعم التعليل الثاني متجه بناء على كلامهم وحيث إن الظاهر عندنا هو الافساد به فيجوز فعله في الصوم المندوب حينئذ ولا اشكال.
الثالث قد ذكر شيخنا الشهيد الثاني أن فائدة التحريم تظهر في ما لو ارتمس في غسل مشروع فإنه يقع فاسدا للنهي عن بعض أجزائه المقتضي للفساد في العبادة.
قال سبطه السيد السند في المدارك: وهو جيد إن وقع الغسل في حال الأخذ في الارتماس أو الاستقرار في الماء لاستحالة اجتماع الواجب والحرام في الشئ الواحد، أما لو وقع في حال الأخذ في رفع الرأس من الماء فإنه يجب الحكم بصحته لأن ذلك واجب محض لم يتعلق به نهي أصلا فينتفي المقتضي للفساد. انتهى.
أقول: يمكن المناقشة في ما ذكره شيخنا المشار إليه بأن المعلوم من القاعدة المشهورة وهو أن النهي إذا توجه إلى العبادة أو جزئها أو شرطها يكون مبطلا لها إنما هو ما إذا توجه لها من حيث هي لا من حيث أمر خارج عنها كما حققنا ذلك بما