المحرمة فليس بمحرم بل مكروه.
أقول: لا يخفى أن ظاهر الأخبار المذكورة أن التحريم إنما نشأ من حيث كونه صوم الدهر كما يشير إليه قوله في موثقة سماعة بعد أن وكرهه " لا بأس أن يصوم يوما ويفطر يوما " ولا ريب في أن الكراهة في هذه الأخبار إنما هي بمعنى التحريم فلو كان منشأ التحريم إنما هو صوم يومي العيدين كما ذكروا لكان ينبغي أن يقول:
" لا بأس إن أفطر العيدين " كما لا يخفى. إلا أني لم أقف على من قال بالتحريم مع افطار يومي العيدين. وكيف كان فلا ريب أن الأحوط اجتنابه.
المقام الثاني الصيام المكروه وهو أيضا أفراد:
منها ما تقدم من صوم الضيف بدون إذن مضيفه والولد بغير إذن والده والمدعو إلى طعام، وقد تقدم (1) نقل الخلاف في ذلك وتحقيق القول في ذلك كما هو حقه.
ومنها الصيام المستحب في السفر وقد تقدم (2) بيان القول فيه.
قالوا: ومن ذلك صوم عرفة لمن يضعفه عن الدعاء لقوله عليه السلام في صحيحة محمد بن مسلم (3) " وإن خشيت أن تضعف عن ذلك فلا تصمه) أو مع الشك في الهلال كما يدل عليه قوله عليه السلام في رواية سدير (4) " وأكره أن أصومه وأتخوف أن يكون يوم عرفة يوم أضحى وليس بيوم صوم " وقد تقدم (5) تحقيق الكلام في المقام بما لا يحوم حوله النقض والابرام.
ومن ذلك صوم ثلاثة أيام بعد يوم الفطر وإن كان جملة من الأصحاب صرحوا باستحباب صوم ستة أيام بعد عيد الفطر، وإلا أن المفهوم من الأخبار الكراهة وقد تقدم (6) نقل الدليل على ذلك.