وثانيها أن المتبادر من الخروج المنهي عنه فيها هو الخروج من نفسه اختيارا فلو أخرج منها مكرها فالظاهر أنه غير مبطل إلا أن يطول الزمان على وجه يخرج عن كونه معتكفا.
وبذلك فصل العلامة (قدس سره) في التذكرة فقال إن الاعتكاف إنما يبطل بمطلق الخروج المحرم إذا وقع اختيارا أما إذا خرج كرها فإنه لا يبطل إلا مع طول الزمان بحيث يخرج عن كونه معتكفا.
قال في المدارك بعد نقل ذلك عنه: ولا بأس به تمسكا بمقتضى الأصل وحديث رفع القلم (1) والتفاتا إلى عدم توجه النهي إلى هذا الفعل.
وجملة من الأصحاب قد صرحوا بأن الخروج مبطل طوعا خرج أو كرها.
واستدل عليه في المعتبر بأن الاعتكاف لبث في المسجد فيكون الخروج منافيا له.
وفيه ما عرفت من أن المنافي له إنما هو الخروج الاختياري كما هو ظاهر الأخبار المذكورة وأما الاخراج منها كرها فلا دليل على ابطاله، وليس كل مناف لللبث موجبا للابطال لعدم الدليل عليه بل قيام الدليل على خلافه في المواضع المشار إليها في الأخبار المتقدمة.
وثالثها - أنه هل يتحقق الخروج بالصعود إلى سطح المسجد من داخله؟
قيل نعم وبه قطع في الدروس لعدم دخوله في مسماه، وقيل لا وبه قطع في المنتهى من غير نقل خلاف، قال لأنه من جملته. واستحسنه في المدارك. ونقله في المنتهى عن الفقهاء الأربعة وأنه يجوز أن يبيت فيه (2).
والمسألة لا تخلو من اشكال ينشأ من حيث إنه مسجد أيضا فلهذا حرم على الجنب اللبث فيه، ومن أن المتبادر هو ما جرت به العادة وعمل الناس من المكان الأسفل منه والأحكام الشرعية إنما تبنى على الأفراد الغالبة.