عمموا الحكم في الصبي والصبية فذكروهما معا، وعللوه بأن المقتضي في الصبي موجود في الصبية. ولا يخلو من توقف إذ من الجائز اختصاص الحكم بالصبي خاصة كما لا يخفى.
وأما البحث في كون صوم الصبي هنا شرعيا يستحق عليه الثواب أو تمرينيا فقد تقدم الكلام فيه في الموضع العاشر (1) من المطلب الأول.
بقي هنا شئ وهو أنه نقل في المختلف عن الشيخ في الخلاف أنه قال: الصبي إذا نوى الصوم ثم بلغ في الأثناء وجب عليه الامساك. ونقل عنه أنه قال في كتاب الصلاة منه: إذا دخل في الصوم ثم بلغ أمسك بقية النهار تأديبا وليس عليه قضاء. ثم قال في المختلف: والوجه هو الثاني وهو اختيار ابن الجنيد وابن إدريس، لنا أن الصوم عبادة لا تقبل التجزئة وهو في أول النهار لم يكن مكلفا به فلا يقع التكليف به في باقيه.
احتج بأنه بالغ مكلف يصح منه الصوم وقد انعقد صومه شرعا في أول النهار فيجب عليه إتمامه. والجواب المنع من شرعية صومه وانعقاده. انتهى.
أقول: قد صرح جملة من الأصحاب بأن من فروع الخلاف في صوم الصبي بأنه تمريني أو شرعي الاتصاف بالصحة والبطلان فيتصف على الثاني دون الأول، وترتب الثواب وعدمه فيترتب على الثاني دون الأول، والاجتزاء به لو بلغ في أثناء النهار فإنه ينوي الوجوب ويصح صومه على الثاني دون الأول.
والظاهر أن الشيخ في كتاب صوم الخلاف إنما صرح بوجوب الامساك بناء على كون الصوم عنده شرعيا والعلامة لما كان مذهبه في المختلف أنه تمريني ادعى منافاة أول اليوم لآخره وادعى أنه في الأول غير مكلف فلا يقع التكليف به في باقيه. وفيه نظر قد أوضحناه في ما تقدم في الموضع المشار إليه آنفا، مع أنه في المنتهى اختار كون صومه صحيحا شرعيا فقال: ولا خلاف بين أهل العلم في شرعية ذلك.. إلى أن قال: فكان صومه ثابتا في نظر الشرع، وإذا ثبت ذلك فإن صومه