ومنها البيع والشراء، ويدل عليه صحيحة أبي عبيدة المتقدمة.
والقول بالتحريم من ما لا خلاف فيه وإنما الخلاف في فساد الاعتكاف بذلك فقال الشيخ في المبسوط: لا يفسد الاعتكاف جدال ولا خصومة ولا سباب ولا بيع ولا شراء وإن كان لا يجوز له فعل ذلك أجمع.
وقال ابن إدريس: الأولى عندي أن جميع ما يفعله المعتكف من القبائح ويتشاغل به من المعاصي والسيئات يفسد اعتكافه وأما ما يضطر إليه من أمور الدنيا من الأفعال المباحات فلا يفسد به اعتكافه، لأن حقيقة الاعتكاف في عرف الشرع هو اللبث للعبادة والمعتكف اللابث للعبادة إذا فعل قبائح ومباحات لا حاجة إليها فما لبث للعبادة. وظاهر هذا الكلام بطلان الاعتكاف بفعل جميع المباحات التي لا حاجة إليها.
واعترضه العلامة في المختلف فقال: ونحن نطالبه بوجه ما قاله، واحتجاجه أضعف من أن يكون شبهة فضلا من كونه حجة، فإن الاعتكاف لو شرط فيه دوام العبادة بطل حالة النوم والسكوت واهمال العبادة وليس كذلك بالاجماع.
وقال في المنتهى: كل ما يقتضي الاشتغال بالأمور الدنيوية من أصناف المعايش ينبغي القول بالمنع منه عملا بمفهوم النهي عن البيع والشراء.
واعترضه في المدارك بأنه غير جيد لأن النهي عن البيع والشراء لا يقتضي النهي عن ما ذكره بمنطوق ولا بمفهوم، نعم ربما دل عليه بالعلة المستنبطة وهي غير معتبرة عندنا.
ثم قال في المنتهى: الوجه تحريم الصنائع المشغلة عن العبادة كالخياطة وشبهها إلا ما لا بد منه.
وما ما أورده عليه في المدارك جار هنا أيضا إذ لا دليل على ما ذكره (قدس سره) في المقامين. وما أبعد ما بين كلامه هنا وكلامه في المختلف على ابن إدريس كما لا يخفى.