ورابعها أن ظاهر النهي في الأخبار المتقدمة إنما يتوجه إلى الخروج عمدا فلو خرج ساهيا لم يبطل اعتكافه، وبذلك أطلق الأكثر، واستدلوا عليه بالأصل وحديث رفع (1) وقيده بعضهم بما إذا لم يطل زمن الخروج بحيث يخرج عن كونه معتكفا وإلا لبطل وإن انتفى الإثم. و يجب العود عند الذكر فلو أخر اختيارا بطل وخامسها أنه بعد الخروج للحاجة لا يجوز له الجلوس تحت الظلال كما تضمنته صحيحة الحلبي المتقدمة وصحيحة داود بن سرحان (2) والأولى وإن كانت مطلقة إلا أن الثانية مقيدة فيحكم بها على الأولى، وبذلك صرح الشيخ في المبسوط فخصص التحريم بالجلوس تحت الظلال، وكذا المفيد وسلار والمحقق في المعتبر وعليه أكثر المتأخرين.
وجملة من الأصحاب كالشيخ في أكثر كتبه والمرتضى وأبي الصلاح وابن إدريس والمحقق في الشرائع والعلامة في بعض كتبه زادوا المشي تحت الظلال، ولم نقف على مستنده وبذلك اعترف جملة من أصحابنا المتأخرين.
وسادسها أنه قد اشتملت هذه الأخبار على أنه لا يجوز الخروج إلا للأمور الضرورية.
وعد منها في الأخبار المذكورة قضاء الحاجة من بول أو غائط، وعلى ذلك دلت صحيحة عبد الله بن سنان المتقدمة (3).
ولا اشكال ولا خلاف في ذلك إلا أن الأصحاب ذكروا أنه يجب أن يتحرى أقرب الطرق إلى موضع قضاء الحاجة.
وقال في المنتهى: لو كان إلى جانب المسجد سقاية خرج إليها إلا أن يجد بها غضاضة بأن يكون من أهل الاحتشام فيجد المشقة بدخولها لأجل الناس فعندي هاهنا يجوز أن يعدل عنها إلى منزله وإن كان أبعد. ثم قال: ولو بذل له صديق منزله