المباركة في قوله تعالى: " إنا أنزلناه في ليلة مباركة " (1) لأن الله تعالى ينزل فيها الخير والبركة والمغفرة، وفي الخبر عن ابن عباس (2) أنه قال: " تقضي القضايا في ليلة النصف من شعبان ثم يسلمها إلى أربابها في ليلة القدر ". وقيل ليلة القدر أي ليلة الشرف والخطر وعظم الشأن من قولهم رجل له قدر عند الناس أي منزلة وشرف ومنه " وما قدروا الله حق قدره " (3) أي ما عظموه حق عظمته. وقيل سميت ليلة القدر لأنه أنزل فيها كتاب ذو قدر إلى رسول ذي قدر لأجل أمة ذات قدر على يدي ملك ذي قدر. وقيل سميت بذلك لأن الأرض تضيق فيها بالملائكة من قوله تعالى " ومن قدر عليه رزقه " (4) وهو منقول عن الخليل بن أحمد.
أقول: والظاهر أن أظهر هذه الأقوال هو الأول وهو المناسب لتفضيلها على ألف شهر.
الخامسة اختلف العلماء في معنى " أنزل القرآن في ليلة القدر " مع أنه إنما أنزل على الرسول صلى الله عليه وآله نجوما مدة حياته، فقيل إنه أنزل الله تعالى القرآن جملة واحدة في اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في ليلة القدر ثم كان ينزله جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله نجوما وكان من أوله إلى آخره ثلاث وعشرون سنة. وقيل معناه إنا ابتدأنا إنزاله في ليلة القدر. وقيل أنزله الله من اللوح المحفوظ إلى السفرة وهم الكتبة من الملائكة في السماء الدنيا وكان ينزل ليلة القدر من الوحي على قدر ما ينزل به جبرئيل على النبي صلى الله عليه وآله في السنة كلها إلى مثلها من القابل.
وقيل إن معناه إنا أنزلنا القرآن في شأن ليلة القدر وهو قوله تعالى: " ليلة القدر خير من ألف شهر "