حيث إن جمعا منهم قالوا إنه يتفرع على اختلاف الحكم بالتباعد أن المكلف بالصوم لو رأى الهلال في بلد وسافر إلى بلد آخر يخالفه في حكمه انتقل إليه، فلو رأى الهلال في بلد ليلة الجمعة مثلا ثم سافر إلى بلدة بعيدة شرقية قد رئي فيها ليلة السبت أو بالعكس صام في الأول أحدا وثلاثين ويفطر في الثاني على ثمانية وعشرين ولو أصبح معيدا ثم انتقل ليومه ووصل قبل الزوال أمسك بالبينة وأجزأه، ولو وصل بعد الزوال أمسك مع القضاء، ولو أصبح صائما للرؤية ثم انتقل احتمل جواز الافطار لانتقال الحكم وعدمه لتحقق الرؤية وسبق التكليف بالصوم، فإنا نمنع وقوع هذه الفروض.
قال في الدروس بعد ذكر ذلك: ولو روعي الاحتياط في هذه الفروض كان أولى.
وقال في المسالك: والأولى مراعاة الاحتياط في هذه الفروض لعدم النص وإنما هي أمور اجتهادية قد فرعها العلماء على هذه المسألة مختلفين فيها. انتهى.
أقول: بل الأظهر بناء على ما ذكروه من إمكان وقوع ذلك هو وجوب الاحتياط لا استحبابه كما يظهر من كلامهم.
ثم إن ممن وافقنا على ما ذكرناه واختار في هذه المسألة ما اخترناه المحدث الكاشاني في الوافي حيث قال بعد نقل جملة من الأخبار الدالة على القضاء بشهادة أهل بلد أخرى: إنما قال عليه السلام فإن شهد أهل بلد آخر فاقضه لأنه إذا رآه واحد في البلد رآه ألف كما مر. والظاهر أنه لا فرق بين أن يكون ذلك البلد المشهود برؤيته فيه من البلاد القريبة من هذا البلد أو البعيدة منه، لأن بناء التكليف على الرؤية لا على جواز الرؤية، ولعدم انضباط القرب والبعد لجمهور الناس، ولاطلاق اللفظ فما اشتهر بين متأخري أصحابنا من الفرق ثم اختلافهم في تفسير القرب والبعد بالاجتهاد - لا وجه له. انتهى.
الخامس قد صرح جملة من الأصحاب (رضوان الله عليهم) بأنه لا اعتبار