إذا رجع إلى الحضر، لأن صومه في السفر ليس بصوم وإنما أمر بالامساك عن الافطار لئلا يكون مفطرا في شهر رمضان في غير الوجه الذي أباح الله (عز وجل) له الافطار فيه كما أن المفطر في يوم من شهر رمضان عامدا قد أفسد صومه وعليه أن يتم صومه ذلك إلى الليل لئلا يكون مفطرا في غير الوجه الذي أمر الله (عز وجل) فيه بالافطار. ونحوه قال ابن الجنيد وهو غريب.
قال في المختلف: والمشهور أنه يجب عليه الصوم إذا كان سفره معصية ولا يجب عليه القضاء. ثم استدل بالأمر بالصوم وقد امتثل فيخرج عن العهدة وأن القضاء إنما يجب بأمر جديد. وهو جيد.
ثم إنه نقل عن ابن الجنيد في مقام آخر أنه قال: ولا استحب لمن دخل عليه شهر رمضان وهو مقيم أن يخرج إلى سفر إلا أن يكون لفرض حج أو عمرة أو ما يتقرب به إلى الله (عز وجل) أو منفعة نفسه وماله لا في تكاثر وتفاخر فإن خرج في ذلك أو في معصية الله (عز وجل) لم يفطر في سفره وكان عليه مع صيامه فيه القضاء.
ثم قال في المختلف: وقد بينا أن المشهور وجوب الصيام في المعصية وعدم وجوب القضاء، وأما الخروج للتنزه والتلذذ فإن كان مباحا وجب الافطار والقضاء وإلا وجب الصوم دون القضاء، لنا الأصل إباحة السفر في المباح فيجب القصر في الصوم. ثم نقل عنهما الاحتجاج برواية أبي بصير الدالة على المنع من السفر في شهر رمضان وستأتي في المسألة الآتية (1) وأجاب عنها بعد الطعن في السند بالحمل على الاستحباب.
المسألة الخامسة المشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) جواز السفر في شهر رمضان وإن كان على كراهة إلى أن يمضي من الشهر ثلاثة وعشرون يوما، ونقل عن أبي الصلاح أنه قال إذا دخل الشهر على حاضر لم يحل له السفر مختارا.