لا يخلو من شئ، وذلك فإن مبنى كلام جده بالنسبة إلى القسم الثاني وهو عروض هذه الأشياء في الاستدامة على الفرق بين ما يبطل به الصيام من الجنون والسكر ونحوهما الاغماء على ما اختاره من حيث إنها مزيلة للعقل كما صرح به جده في صدر كلامه في الكتاب المذكور، وكل ما كان مزيلا للعقل عندهم فهو مخرج عن أهلية التكليف ومبطل للعبادة وبين ما لا يبطل به من النوم والسهو والنسيان فإنها غير مزبلة للعقل وإنما تغطي الحواس الظاهرة وتعطلها وتبطل التمييز والعقل معها باق على حاله، فهذه إن عرضت في الابتداء فلا إشكال عنده كما ذكره في حصول العذر بها لامتناع التكليف بالفعل من حيث الغفلة والخطاب لا يتوجه إلى الغافل لامتناع تكليفه لأنه من باب تكليف ما لا يطاق وهو منفي عقلا ونقلا، وإن عرضت بعد أن انعقد الفعل وصح فلا وجه لبطلان الفعل إذ الابطال في الصورة السابقة إنما هو من حيث زوال العقل والحال إن العقل هنا موجود، وليس هنا إلا توهم وجوب الاستدامة والاستدامة الفعلية منفية إجماعا بل الحكمية في الصوم على ما صرح به السيد وجده في ما تقدم، فلا موجب لبطلان الصوم بعد الحكم بصحته أو لا.
وأما ما ذكروه من ما قدمنا نقله عنهم قريبا من أنه يجب نية الوجوب أو الندب في كل جزء جزء من نهار الصوم، وهنا يمتنع تكليفه بذلك من حيث الغفلة لامتناع تكليف الغافل فيبطل هذا الجزء من اليوم ويبطل بذلك بقية اليوم لأن الصوم لا يتبعض فلم يقم عليه دليل، وحينئذ فيكون صومه حال النوم والنسيان بعد انعقاده بالنية السابقة صحيحا والقول ببطلانه يتوقف على الدليل وليس فليس.
الثالثة - لا خلاف بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) في أنه يستحب تمرين الصبي على الصوم قبل البلوغ، قال الشيخ في النهاية:
ويستحب أن يؤخذ الصبيان بالصيام إذا أطاقوه وبلغوا تسع سنين وإن لم يكن واجبا عليهم ولم يتعرض لما قبل التسع وظاهره أن مبدأ الأمر لهم بذلك كما التسع، ونقل عنه في المختلف أنه قال في المبسوط أن مبدأ ذلك بعد تمام سبع سنين، وعن الشيخ المفيد أنه يؤخذ بالصيام