الأصحاب القائلين بوجوب الكفارة متفقة على التحديد بالزوال كما تقدم، وهو صريح رواية بريد العجلي ورواية كتاب الفقه الرضوي، واجمال روايتي زرارة وحفص بن سوقة المتقدمتين محمول على ذلك. وأما ما دل عليه صحيح هشام بن سالم من التحديد بصلاة العصر فيجب تأويله بما يرجع به إلى تلك الأخبار وإلا فطرحه أو حمله على التقية، لأن الأخبار قد تكاثرت كما ستأتي في المقام إن شاء الله تعالى بأن الزوال هو الحد في جواز الافطار وعدمه فيجب أن يكون هو الحد في وجوب الكفارة وعدمه.
وقال الشيخ في الإستبصار بعد ذكر خبري بريد وهشام أنه لا تنافي بين الخبرين لأنه إذا كان وقت الصلاتين عند الزوال إلا أن الظهر قبل العصر على ما بيناه في ما تقدم جاز أن يعبر عن ما قبل الزوال بأنه قبل العصر لقرب ما بين الوقتين ويعبر عن ما بعد الزوال بأنه بعد العصر لمثل ذلك. ورده جملة من متأخري المتأخرين بالبعد وهو وإن كان كذلك إلا أنه أولى من الطرح رأسا فإن العمل عليه بعد ما عرفت غير ممكن.
ثم إن الشيخ أيضا جوز حمل خبر العصر على الوجوب وخبر الزوال على الاستحباب، وهو غير جيد وإن استقر به في الذخيرة لاستفاضة الأخبار بالتحديد بالزوال في تحريم الافطار وهو وقت تعلق الكفارة البتة، ولا معنى لكونه يحرم عليه الافطار بعد الزوال ولا تجب عليه الكفارة إلا بعد العصر كما هو ظاهر لكل ذي فهم.
وليس ببعيد تطرق التحريف إلى هذا الخبر من قلم الشيخ بتبديل الظهر بالعصر كما لا يخفى على من له أنس بطريقته وما وقع له في الأخبار متونا وأسنادا من التبديل والتحريف والزيادة والنقصان.
وبالجملة فالعمل على القول المشهور المؤيد بالأخبار المذكورة.
الثاني اختلف أصحابنا (رضوان الله عليهم) في كفارة قضاء شهر رمضان فالمشهور بينهم أنها اطعام عشرة مساكين فإن لم يتمكن صام ثلاثة أيام، ونقل في