وقد وقع الخلاف هنا في مواضع ثلاثة: أحدها أنه هل يكفي في شهر رمضان نية أنه يصوم غدا متقربا من غير اعتبار نية التعيين بكونه من شهر رمضان أم لا بد من نية التعيين؟ قولان أولهما منقول عن الشيخ وبه صرح جملة من الأصحاب:
منهم المحقق والعلامة في جملة من كتبه، ونقل عن بعض الأصحاب الثاني.
احتج المحقق على ما اختاره بأن المراد من نية التعيين وقوع الفعل بها على أحد وجهيه فإذا لم يكن للفعل إلا وجه واحد استغنى عن نية التعيين كرد الوديعة وتسليم الأمانات، قال ويمكن أن يحتج عليه بقوله تعالى: " فمن شهد منكم الشهر فليصمه " (1) فإذا حصل مع نية التقرب فقد حصل الامتثال وكان ما زاد منفيا.
واعترض عليه بما حاصله أن امتثال الأمر فرع تعقل المأمور أن الآمر أمره بذلك الفعل فإذا لم يعتقد أن الصوم غدا من ما أمر الشارع بالاتيان به فيه لم يكن ممتثلا للتكليف بالصوم غدا، ونحن لا نعني بالتعيين سوى هذا إذ به يتعين كونه من رمضان.
أقول: وعندي في هذا الخلاف والبحث الذي أطالوا به الكلام من ما ذكرنا وما أعرضنا عن نقله في هذا المقام من أصله - نظر فإنهم إن أرادوا بهذه النية التي اختلفوا في اشتراط التعيين فيها وعدمه ما هو عبارة عن التصوير الفكري والحديث النفسي الذي يترجمه قول الصائم " أصوم غدا من شهر رمضان قربة إلى الله " كما ذكروه في الصلاة والطهارة ونحوهما من التصوير المشتمل على القيود التي ذكروها فهذا ليس هو النية كما حققناه في كتاب الطهارة بما لا مزيد عليه، وإن أريد بالنية هو المعنى الذي حققناه ثمة وأوضحناه من أنه القصد البسيط الذي لا يكاد