وروى في الكافي عن الكناني عن أبي عبد الله عليه السلام (1) قال: " إن الله تبارك وتعالى يقول الصوم لي وأنا أجزي عليه ".
وروى الصدوق في الفقيه عن الصادق عليه السلام (2) قال: " نوم الصائم عبادة وصمته تسبيح وعمله متقبل ودعاؤه مستجاب " وروى في الكافي مسندا والفقيه مرسلا (3) قال: " قال أبو عبد الله عليه السلام من صام لله يوما في شدة الحر فأصابه ظمأ وكل الله به ألف ملك يمسحون وجهه ويبشرونه حتى إذا أفطر قال الله تعالى: ما أطيب ريحك وروحك ملائكتي اشهدوا أني قد غفرت له ".
وروى في الفقيه (4) قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما من صائم يحضر قوما يطعمون إلا سبحت له أعضاؤه وكانت صلاة الملائكة عليه وكانت صلاتهم استغفارا " إلى غير ذلك من الأخبار التي يضيق عن ذكرها المقام.
الرابعة قد أورد ههنا سؤال مشهور على حديثي الكناني والفقيه المتقدمين المتضمنين للحديث القدسي وقوله عز وجل: " الصوم لي وأنا أجزي عليه " بأن كل الأعمال الصالحة لله فما وجه تخصيص أنه له تبارك وتعالى؟
وأجيب بوجوه: الأول أنه اختص بترك الشهوات والملاذ في الفرج والبطن وذلك أمر عظيم يوجب التشريف. وعورض بالجهاد فإن فيه ترك الحياة فضلا عن الشهوات، وبالحج فإن فيه الاحرام ومحظوراته كثيرة.
الثاني أن الصوم يوجب صفاء العقل والفكر بواسطة ضعف القوى الشهوانية بسبب الجوع ولذلك قال عليه السلام (5) " لا تدخل الحكمة جوفا ملئ طعاما " وصفاء العقل والفكر يوجبان حصول المعارف الربانية التي هي أشرف أحوال النفس الانسانية.