وبعضهم جمع بين الخبرين بحمل النزول في ليلة القدر يعني إلى الأرض والخبر الآخر على نزوله إلى السماء. ويدفعه صدر الخبر المذكور من أن نزوله إلى الأرض كان نجوما في عشرين سنة. والأقرب في الجمع بينهما حمل النزول في أول ليلة من شهر رمضان على أول النزول وإن كان الأكثر إنما نزل في ليلة القدر. وأما ما نقلناه عن المحدث الكاشاني فاستند فيه إلى حديث إلياس المذكور في كتاب الحجة (1) وفي الدلالة نظر.
السادسة ما تضمنه الخبر الأول (2) من قوله عليه السلام: فهو المحتوم ولله فيه المشيئة لا يخلو من اشكال ولعله سقط من البين شئ، لأن المحتوم لا تدخله المشيئة كما دلت عليه الأخبار ومنها قوله عليه السلام في خبر محمد بن مسلم المتقدم (3) " وأمر عنده موقوف له فيه المشيئة " وأظهر منه ما تقدم (4) في آخر رواية إسحاق بن عمار.
ويؤيده ما ورد في الأخبار (5) من أن العلم المخزون عنده هو الذي يكون فيه البداء وله فيه المشيئة بالتقديم والتأخير والزيادة والنقصان ونحو ذلك وما اطلع عليه ملائكته ورسله فإنه محتوم لا يداخله البداء، ولا ريب أن ما تكتبه الملائكة في هذه الليلة وتنزل به إلى النبي صلى الله عليه وآله والإمام القائم بعده من أحوال تلك السنة وما يتجدد فيها إنما هو من الثاني فكيف تكون فيه المشيئة كما دل عليه الخبر المذكور.
ومن الأخبار المشار إليها ما رواه في الكافي (6) عن الفضيل بن يسار في الصحيح قال: " سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول العلم علمان: فعلم عند الله مخزون لم يطلع عليه أحدا من خلقه وعلم علمه ملائكته ورسله، فما علمه ملائكته ورسله فإنه سيكون لا يكذب نفسه ولا ملائكته ولا رسله، وعلم عنده مخزون يقدم منه